موظف استعلامات فلسطيني كفيف يحفظ أكثر من 80 ألف رقم
من دون كلل أو ملل يجيب محمد هاشم عن هاتف وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية في رام الله منذ 4 اعوام ويحول كل مكالمة الى صاحبها، وإلى هنا قد يبدو الامر عادياً إلى أن نعرف أنه إنسان كفيف ويحفظ أكثر من80 ألف رقم تليفون أرضي وجوال عن ظهر قلب ولا يستخدم القلم أو الأوراق أو الدليل لمتابعة عمله.
ويتمتّع هاشم بروح الدعابة والمرح، الأمر الذي جعل زملاءه في العمل يحبّونه، كما أنّ المتّصلين من خارج الوزارة يتوقون للتعرّف إليه، ويقول زميله عرفات إن محمد تمكّن من إنقاذ الوزارة من حريق هائل بعد أن نسي أحد الموظفين سيجارته المشتعلة، ما أدى لحدوث حريق كاد أن يكبر لولا فطنة محمد وسرعة تعامله مع الأمر.
وبلغت الثقة بوزيرة الشؤون الاجتماعية ماجدة المصري أن تسلم مفتاح الوزارة فقط لمحمد رغم وجود أكثر من 180 موظفاً آخرين في الوزارة، وعن العمل في شهر رمضان يقول: "أشعر بالتعب أكثر في الشهر الكريم لأنني أتكلم كثيراً بحكم طبيعة علمي، ولكنه شهر خير وعطاء"، ويضيف: "لقمة العيش مُرة بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة".
ويعيش محمد في منزل متواضع بالكاد يحتوي على مقومات الحياة البسيطة، غير أن سعادته بمولوده البكر القادم بعد اشهر قد تفوق حد التصور، وقبل أن يرتبط بابنة خالته صابرين تقدم لخطبة 13 فتاة من قريتي والقرى المجاورة دون أن يجد القبول، ويصف زوجته بأنها متعلّمة ومثقّفة ولديها قناعة تامّة بأنّ الإعاقة ليست مشكلة ولا تشعر بأي إحراج من كونها تزوّجت من رجل كفيف".
ويقطن محمد حالياً في قرية المدية التي تبعد عن مكان عمله في مدينة رام الله نحو 35 كيلومترًا، مشيرًا إلى أنّه تلقّى تعليمه في مدرسة للمكفوفين في مدينة بيت لحم حتى عام 1990، ثم انتقل إلى مدرسة حكوميّة في بلدة نعلين المحاذية لقريته، إلى أن حصل على شهادة الثانوية العامة.
وفي الختام يقول محمد إنّه لم يفقد الأمل من أنّ بصره سيعود رغم أنّ الأطبّاء أبلغوه بفقدان الأمل من ذلك، بعدما أصيب بمرض الجفاف عندما كان عمره 3 أشهر فقط، وذلك بسبب الجهل وعدم تقدّم العلم، الأمر الذي أفقده البصر فأصبح كفيفًا ونسبة الرّؤية لديه قليلة جدًّا.