roma85 عناني أمير
تاريخ التسجيل : 17/10/2009 عدد المساهمات : 1764 الجنس : العمر : 39 الموقع : في جنة الالام بجاني حديقة الموت العمل/الترفيه : مديرة مكتب الاحزان المزاج : غائم جزئيا ومشمس نادرا نقاط : 57987 وسام العضو المميز على لوحة الشرف أحترام قوانين المنتدى :
| موضوع: الإنتماء للوطن في شعر الأطفال 14/01/10, 12:04 am | |
| إن الشعر من حيث كونه لونًا أدبيًا يؤثر في تنشئة الأطفال وفي تربيتهم ، فهو يقدم لهم مفاهيم ومعلومات وحقائق ، ويزودهم بالألفاظ والتراكيب والثروة اللغوية ، كما يعزز الناحية الوجدانية ويغرس القيم ، بل من المفروض أن يشبع حاجاتهم النفسية ، وينمي مهارات التذوق الأدبي لديهم فتكون لديهم ملكة الفهم والدقة في التفكير . والشعر الذي يُقدم للأطفال لا بد له من أن يفي باحتياجات الطفل واهتماماته ، ولا بد له من أن ينمي خيال الأطفال ، ومن أن يخلق استجابات ذهنية لديهم تجعلهم في موقع جديد يشاركون فيه الشاعر حالاته الوجدانية ؛ ولا بدع إذا كان الانتماء للوطن / الأرض / القرية بكل ما فيه من تحقيق الذات هو المنطلق وهو البحث عن الذات وتعزيزها . ينعكس الانتماء أولاً وقبلاً بذكر الوطن والبلاد ، وبترسيخ حب هذا الوطن حتى ينشأ الطفل ابنًا بارًّا له ، وليس الوطن مجرد اسم يُذكر ، بل هو يضم ما فيه من أرض و نبات وأماكن ومدى حبها ، والشاعر إذ يثير أو يعالج ذلك ، فإنما يحمل رسالة وطنية يود أن يبلغها لهذا الجيل الصاعد ، وينمي بذلك عنصر الانتماء المنشود . ومن هذا القبيل نذكر الشاعر أحمد صوالحة ، وهو يخاطب الطفل ، فيقول : هاي بلادي والا الجنــــه شوف بعينك محلاها خضرة وميه طيور بتغني بلادي الحلوه ما اغلاها [1] فبلاده كأنها الجنة وقد جعل ذلك بلهجة التساؤل التي عهدناها في الشعر القديم ، وكأن الإجابة تستلزم الموازنة ، وذلك بسبب شدة التشابه بينهما ، ففيها الطيور المغردة والمياه العذبة والخضرة ، والشاعر يدعو الطفل لأن يتحسس ذلك : ( شوف بعينك ) ويؤكد على حلاوتها و " غلاوتها " بصورة تعجبية من شأنها أن تجعل الطفل مشاركًا وطرفًا في تلقيه النص . وترى الشاعرة لميس كناعنة أن تخصص كتابًا للأطفال تحت عنوان : أحب بلادي ، وبالطبع تجعل النص بصورة خبرية ، وكأنها تقول أنا أحب بلادي ، وأريدك أيها الطفل أن تقرأ العنوان وكأنك أنت الذي قررت ذلك ، فأنا لا أملي عليك ، ولا أطالبك أن تفعل ذلك ، فالقرار لك . ومن قصائد هذا الكتاب قصيدة ( أحب بلادي ) ، وتقول فيها : نريد أن نعيش نعمّر البلاد قلوبنا تجيش بالخير والوداد جميعنا ننادي بالسلم والرخاء للعيش في البلاد بالحب والإخاء[2] فهي إذن تدعو لتعمير الوطن ، وأن تكون القلوب مفعمة بالخير والود ، وأن يعم الرخاء والسلام والحب والإخاء على هذه البلاد . إنها تحب وطنها وتحب ما فيه من أماكن : أحب بلادي == ومسقط رأســــي أحب جليلي == ومرجي وقدسي [3] ثم ما تلبث أن تذكر لنا أن المسيح تعمد في الناصرة ، ولا تغفل عن ذكر بيت لحم مهد المسيح عليه السلام ، كما تذكر القدس أكثر من مرة ، وكيف أن الرسول عليه السلام عرج إلى السماء منها . ثم تذكر الأماكن التي تعز علينا : جبال الجليل وعكا ووادي عارة ، وتتوقف عن سرد الأماكن لأنها فطنت أنها لن تفي كل مكان حقه ، فتؤكد أنه يعز عليها كل شبر وكل حارة وحي ....وتختم نصها بدعوة السلام التي تنشدها بلادنا ، فتختم بالقول : أحب بلادي == لأن بلادي تمد السلام == لكل الأيادي [4] والمكان هو الصورة الراسخة لوجود الإنسان واستذكاره هو استحضار لكيانه ، ففي الرحلة إلى طبريا يحبب أحمد صوالحة هذا المكان إلى الطفل، فيقول : طبريا شطك هادي مياتك كنز بلادي ........ يا طبريا مياتك غالية علينا وحياتك منها نسقي زهور بلادي ونتغدى من سمكاتك [5] فالتركيز على لفظة ( بلادي ) بما تحمله من ياء المتكلم - تجعل الموضوع تابعًا لملكية الطفل ولانتمائه ، ولا يغفل الشاعر عن الحديث عن الماء = الكنز وعن الزهور التي يجب أن نرويها ، والشاعر لا يبخل على الطفل ، فيغديه سمكًا.... وربما كان أحب الطعام إليه ، وهو أمر لا شك سيجذب انتباه الطفل . أما الشاعرة لميس كناعنة فتصف لنا الناصرة : ما أحلاك يا ناصرتي من سمّــاك قد وفّـــأك لن أنساك من ذاكرتي [6] فمن سماها الناصرة وفّاها حقها لأنها تنصر وتنتصر ، ثم إن في قولها " لن أنساك " دعوة لعدم نسيانها ، وكأنها تتحدث باسم الطفل ، وهي ترافقه في مواضع بعينها تذكرها له كالجابية وأرض النبعة وبئر الأمير وحي الروم والحي الشرقي واللاتين ، وختام رحلتها كان في عين العذراء : ما أحلى عين العذراء يحلو منها أعذب ماء إن حب الوطن بأمكنته والدعوة إلى انتمائه يترددان في الشعر حتى لو اكتسب دلالات مصاحبة كخدمة المجتمع ، والتسلح بالعلم والمعرفة ، وذلك حتى يلحق الطفل العصر ، وهذا الشاعر سليمان جبران يقول على لسان الطفل : بعد سنين أكبر حتى أكون رجلا أعلو كأني الشجر لكي أصير بطلا ........ أخدم أهل بلدي أنفع كل الناس فالعلم في زماننا هذا هو الأساس [7] ونلاحظ كذلك أن الشاعر يغرس في نفسية الطفل أن يكون بطلاً نافعًا لمجتمعه ، ولو دققنا النظر ثانية لوجدنا التشبيه ( أعلو كأني الشجر ) مستقى من نباتات الأرض ومن كيانها . وإذا كان المكان بما يثيره من ارتباط بالأرض قد ذكر وتردد في الشعر ، فإن النباتات لها صلتها العميقة في نفسية الطفل ، والأرض هي العطاء ومعناه ، وكم سمعنا الأطفال وهم ينشدون عن برتقال يافا وزيتون بلادي وشجرة السنديان و.....، وما هذه إلا رموز للتعلق بالوطن واحتضان معالمه . يقول فاضل علي - مثلاً - عن الزيتونة : قال جدي ذات مره حبة الزيتون دره ......... هذه زيتونتي مختالة للأرض غُرّه قبل ميلادي تعالت بعد موتي مستمره [8] الزيتونة غرة الأرض أو تاجها ، وهي ستستمر في البقاء والخلود على هذه الأرض التي نعيش عليها ...إنها كانت وستبقى , ولا ننس أن الجد هو الراوي الأول لهذا التشبث ، والنص الغائب يوحي لنا بالقول : يا أيها الغريب دع عنك تجاهل كياني ووجودي ، فهذه الزيتونة شاهد على وجود تراثي وأصالتي ، إنها كانت وستبقى ، وهكذا أنا ، فقد كان أجدادي وآبائي وأنا اليوم هنا وسيظل أبنائي وأحفادي . إن الحديث عن الزيتون هو رمز له دلالته المتأصلة حتى لو تحدث الشاعر عن مظاهر أخرى ، فيقول الشاعر صوالحة : ما أحلى حواكير الزيتون واللوز مفتح النوار محلا النرجس والحنون ونبع المية هالفوار [9] انه منظر قروي ، والقرية لا شك تتصل نفسيًا وبعمق بوجود الإنسان الفلسطيني ، فيقول فاضل علي : قريتي موال حبي قريتي بيت العتابــــا [10] في هذا النص نجد أن أهل القرية فرحوا للخير وغنوا ، وكانت القرية عرسًا للتآخي ، وينهي نشيده بالقول : سوف أحيا في رباها لست أرضى الاغترابــــا من هنا نلاحظ رسالة النص الواضحة وقد وردت على لسان الطفل - هذا الطفل الذي سيعيش في ربا القرية ، ولن يهجرها . تلتقي هذه الرسالة مع رسالة الشاعر صوالحة وهو يعود إلى الطفل بوصف تفصيلي لعالم القرية الجميل : شو حلوة أيام زمان == بين البيدر ...والبستان عيشه حلوة وهنية == لا في هموم ولا أحزان كان في عنا بيت كبير == قدامه في ساحة ..وبير بالساحة في شجرة توت == وفيّتها تلـــــم الجيران ........ يا محلا خبز الطابون == مع شقفة جبنة وزيتون والا الميه من العين == شربتها تروي العطشان ........ كان الجار يحب الجار == وكل الناس أهل وخوان [11] فمثل هذا الوصف من شأنه أن يحبب الطفل لأجواء القرية ، بل إن الطفل الذي يحب الرسم يستطيع أن يرسم أكثر من لوحة ، تدور حول ظروف المعيشة والطعام وحسن الجوار ، وبالتالي فإن هذا الحب للقرية يعمق حبه لوطنه ، ويتمنى أن يعيش في رباها ويحس بمدى الارتباط بها . ومن مقومات هذا الانتماء للوطن تظل اللغة العربية معلمًا بارزًا ، فيذكر الشاعر فاضل علي أطفالنا ، ويقول على لسان كل منهم : أقرأ باللغة العربية أكتب باللغة العربية أحلى كلماتي أكتبها شمس أزهار بريــــة بحر أقمار حريــــة أكتب مكتوبًا لصديقي أقرأ لافتة بطريقي [12] فمثل هذا التطعيم للغة ولعشقها - وخاصة فيما ربط به من مظاهر الطبيعة ، ومن انطلاقة الحرية - يجعل الطفل وكأن اللغة العربية ملكًا له يحافظ عليه ، فلا بد له من كتابة رسالة لصديق ، وهو يريد أن يفهم ويعي ما هذه اللافتات التي كتبت بلغته ، وهو حريص على فهم مدلولها . ربط الشاعر عشق اللغة بأحلى الكلمات التي يكتبها الطفل ، ومنها ( الحريـــة ) ، ويبدو أن الشاعر فاضل علي أولى أهمية لحرية الإنسان ، وكم بالحري في وطنه ، فيقول : أطفال نحن وقد جئنا جيلاً يصبو للحريــــة [13] فهذا الجيل في منظور الشاعر يحلم بالفجر الآتي ، وقلبه مفعم بالآمال ، يكد ويسعى في الدنيا ، وشعاره العلم والعمل معًا . وكان الشاعر فاضل قد أشار في مجموعته الأولى للأطفال ( خدي كالورد ) إلى انطلاقة الحرية والبحث عن الجديد والمجهول ، فيقول على لسان الطفل : أحب السفر إلى حيث لم يأتِ قبلي بشر [14] فهذا جو المغامرة وبحرية وبجرأة من شأنه أن يجعل الطفل أمام مسؤولية ، وأمام تحقيق شخصيته ، ويدعوه إلى حب الاكتشاف من خلال السفر ، وحتى إلى المجهول ، وذلك بدون خوف أو تهيب . وعلى غرار هذه الروح كان الشاعر سامر خير يردد على لسان طفلِـــه : يا ليتني أطير لو أن لي بساط ريح مثل بساط السندبادِ كنت أطير كالنسورِ فوق البلادِ [15] وفي هذا التمني نلمح تحبيب الحرية ، وارتباط ذلك في البلاد وفي الشموخ ، كما يذكّر الطفل بأسطورة بساط الريح والسندباد ، مما يقربه إلى عالم الحكايات والخرافات الجميلة المعبّرة . وتأتي الشاعرة لميس كناعنة على هذه المعاني أيضًا مؤكدة على لسان طفلها مقتها للحدود والقيود ، وباحثة عن المجهول : أحب أن أسافر لأبعد الحدود كطائر طليق أحبها الدروب ....... أحبه الفضاء وأمقت الحدود [16] الحرية والبحث عنها والانطلاق من شأنها أن تشجع الطفل على رفض كل تقييد أو ظلم ، وقد ارتأى الشاعر نعيم عرايدة أن يحوّر نص محمود درويش المعروف : أنا يوسف يا أبي ، فيخصص للأطفال كتابًا تحت هذا العنوان نفسه ، وفيه يشكو الطفل من إخوته ومن ظلمهم : يعتدون علي ويرمونني بالحصى يريدونني أن أموت ..... هم أكلوا عنبي وهم حطموا لعبي يا أبي والذئب أرحم من إخوتي ، أبتِ [17] وهذه الشكوى هي إعلان لموقف رافض ، وبالتالي إلى بناء شخصية جديدة تذود عن حقها في العيش والكرامة ، حتى لو وردت تلك بصورة استصراخ أو تألم . وإذا كانت الرمزية قد وجدت سبيلها على لسان الشعراء في توجههم للطفل فإن الشاعر فهد أبو خضرة يُكسب الانتماء معنى التضحيــة ، ففي كتابه – أيوب الجليلي يعود إلى الورد [18] يروي لنا كيف أن أيوب انتشرت على جسده البثور ، ولم يجد له أي شفاء . غير أن هناك طبيبًا أشار إليه بضرورة الاغتسال من بئر ماء معينة . وكان على البئر حارس يحول دون الوصول إليها إلا بأجر كبير . ولما أن كانت لمياء حبيبة أيوب لا تملك مالا ، اقترح عليها الحارس أن تقص شعرها الجميل وتدفع به إليه ، فما كان من لمياء الحبيبة إلا أن ضحت بشعرها المنسدل الطويل لتدفع به ثمنًا للماء الذي يبجث عنه أيوب . وبذلك تم الشفاء . إن هذه الحكاية الشعرية تعلم الطفل أن يضحي في سبيل من وما يحب ، وهي ترسخ معنى العطاء . وتكتسب القصة بعدًا وطنيًا إذا ما انتبهنا إلى لفظة (أيوب ) وهو رمز للصبر ، وإلى لفظة ( الجليلي ) التي تدل على انتماء وطني للأرض والمكان . مما ورد يتبين لنا أن التعبير عن الانتماء يعزز اهتمامات الطفل بكيانه وبمكانه ، ويجعله يتساءل عن واقع هو فيه ، كما يجعله يربط بين الماضي والحاضر ، ويهيئ له رؤية وموقفًا يستقيهما بصورة غير مباشرة ، وبالتالي تبنى له هوية هي ذاته وأناه . إن هذا التعبير عن الانتماء لشعراء محليين له دلالته وأهميته ، وخاصة في ظروف التنكر للانتماء الحقيقي ، وفي ظروف التمييز العنصري ، وله أهميته في ضرورة التشبث بالمكان وبالذات وبتاريخ وجودنا وحاضره ، وقد أحسن هؤلاء الشعراء في عرض هذه الصور الانتمائية وتحبيبها لأطفالنا . [ | |
|
د.جاسر علي المشرف العام
تاريخ التسجيل : 08/03/2009 عدد المساهمات : 1582 الجنس : العمر : 70 الموقع : عمان/ الاردن العمل/الترفيه : دكتور / استاذ جامعي نقاط : 59859 وسام المشرف المميز على لوحة الشرف أحترام قوانين المنتدى :
| موضوع: رد: الإنتماء للوطن في شعر الأطفال 14/01/10, 04:05 pm | |
| جميل يا روما هذا الشعر وجميلة هذه الافكار والشعر علاوة على تنمية الوجدان فانه بعد القران الكريم قد حفظ لغة العرب وقد قيل الشعر ديوان العرب مع كل الاحترام والمودة | |
|
mays عناني اصيل
تاريخ التسجيل : 29/11/2009 عدد المساهمات : 496 الجنس : العمر : 37 الموقع : احلى بيت عنان العمل/الترفيه : طالبة وبشتعل المزاج : دنيا وماشية نقاط : 55683 أحترام قوانين المنتدى :
| موضوع: رد: الإنتماء للوطن في شعر الأطفال 14/01/10, 07:07 pm | |
| | |
|
roma85 عناني أمير
تاريخ التسجيل : 17/10/2009 عدد المساهمات : 1764 الجنس : العمر : 39 الموقع : في جنة الالام بجاني حديقة الموت العمل/الترفيه : مديرة مكتب الاحزان المزاج : غائم جزئيا ومشمس نادرا نقاط : 57987 وسام العضو المميز على لوحة الشرف أحترام قوانين المنتدى :
| |