الإنتماء
بسم الله الرحمن الرحيم
الإنتماء ...
كثيراً ما تمر علينا هذه الكلمة ..
ربما تمر علي مسامعنا مروراً كريماً ..
فهل نشعر معاً بما تحمله من مآسي ومعاناة و آلام ..
قد لا يشعر بها إلا من بحث عن معناها ها هنا..
أنت تملك هوية شخصية ؟
أعلمني ما المكتوب بداخلها ..
أنت عربي ؟ لحظة فلتقف جانباً كي نتحقق من هويتك ..
أنت فلسطيني ؟ اجلس فلا داعي للوقوف ستنتظر طويلاً ..
أنت مسلم ؟ إنه قدرك الذي لا مفر منه ..
فماذا لو كنت تحمل تلك الصفات جميعها معاً ..
ترى بما تشعر الآن ؟ ..
هل تعتز بعروبتك ؟ .. موطنك ؟ .. ديانتك ؟ ..
ما هو الأنتماء من وجهة نظرك ؟ .. الإنتماء الذي يجسّد معنى الحب الحقيقي للأشياء .. بذل الروح رخيصة .. التضحية .. الفداء .. العطاء اللامحدود .. الشوق والحنين الي الجذور ..
فالإنتماء تتجسد معانيه في أشياء كثيرة جداً ابتداءاً من الأسرة والحي الذي نقطنه والبلدة والوطن مروراً بالدين الذي ولد معنا فحملناه لنسير على نهجه ونفتخر به دونما أي اختيار منا ..
الإنتماء العلمي .. الثقافي .. الأجتماعي .. الديني .. الرياضي .. أشياء كثيرة جداً تحمل هذه الكلمة وتمضي ..
سأقف قليلاً لأنادي على وطني إنه إنتمائي الأول أحبه طوعاً وأختاره دوماً إنه يحتضن جذوري ... يستبقيني ..
لقد آثرت أن يكون موضوعي الأول عن إنتمائي الذي أبحث عنه ..فقد كانت لنا مدينة جميلة تدعى يافا لم أرها إلا مرات قليلة منذ سنين طويلة حين دعينا لرحلة داخل الخط الأخضر .. إسرائيل ..كلا بل هي أرضنا السليبة ..
قد كان والدي رحمه الله يبحث عن منزل الأسرة حتى وجده أنه على شاطيء البحر غير بعيد .. بكى والدي كثيراً إنها النخلة التي زرعناها صغيرة .. كبرت وحملت وأثمرت ... كم تمنى والدي دخول المنزل ... إنها أُمنية ..
إنني الآن أبحث عن يافا داخل نفسي أين هي مني لا أعرف .. أين هي من أبنائي .. إنها مدرجة في كارت اللاجئين .. كارت الأنروا .. عاشت الأنروا .. فقد ضمنا حق العودة ..
إليك يا غزة .. فعلى أرضك أوجدت من العدم و متعت بالنعم ..
حقاً عشقت غزة بترابها و سماءها بهواءها الذي لا ينعشني سواه حين يحمل في ربيعه رائحة أزهار الليمون والحمضيات ..
ربيع غزة عبير دائم .. صيفها يبارك بحرها ويعانقه بكل لهفة وحب .. شتاؤها يسقي أرضها ماء الحياة لتنتشي بهجة وسرور .. أما خريفها فهو متعة اللقاء .. إنها غزة ..
في داخلي حب عميق لغزة ربما لأنها جزء من فلسطين أشعر بإنتمائي لها كأرض فلسطينية أفتديها بروحي ودمي.
بكل ذلك الحب والإنتماء إرتحلت عن غزة منذ صغر سني .. أنه القدر الذي فرض علينا بوجود قوات الإحتلال وفرضها قوانين الإبعاد القسري عن الوطن كعقاب ليس دونه عقاب .. إعتصر الألم قلبي وجثم الحزن على صدري لقد تجرعت ما جرعه أبي في الماضي .. نظرت غزتي وجدتها تبكيني سمعتها تناديني تتوسل ألا ترتحلوا وتتركوني لمن يدنسني ويؤذيني .. لكنها القوة تفرض نفسها ..
وبما أن كل بلاد العرب أوطاني تأقلمت على حياة جديدة لم تغير من إنتمائي لوطني بل زادتني شوقاً وحنيناً وحباً ..
كم أنتظرتها تلك اللحظة التي لم أدعها تغادرني لأعود إلي وطني أتمسك ببقائي على أرضه أنها أرض فلسطين بكل شموخها وسموها ..
إنها فلسطين الأبية التي حكم على أهلها بالشتات في جميع أنحاء العالم .. بنيت لهم المخيمات .. إنها ليست عوضا عن موطنهم .. فلسطيني الشتات هم نبتة الصبار التي أينما زرعت تنمو وتتعايش .. تتكيف مع كل الظروف لتهب من القدوة في الصبر والتحمل ما يفرض احترام الجميع لهم ولصبرهم ..
أنهم الحلم البعيد عن حضن الوطن ولقاؤه .. إنهم من يحلمون .. ينتظرون .. يحيا الوطن في قلوبهم يرتون حبه عشقاً .. ترى هل ينتمون لسواه .. إنهم يزرعون حبه في نفوس أبنائهم .. كي ينمي حق عودتهم الأكيدة باذن الله ..
أخي يا من حملت جرحك العربي واغتربت إنهم سلبوك حق العودة .. لكنهم لن يسلبوك حق الإنتماء .. أين أبناءك من غربتهم .. ربما وجدوا تلك الحياة الكريمة الحرة لكنهم يفتقدون الكثير وينقصهم الكثير .. لذا قد حملتكم فلسطينكم في قلبها الكبير اشتاقتكم تناديكم صباح مساء تدعوالله ألا تطول غيبتكم ..فمن أحب الأبناء الغائب حتي يعود ..
لن ينجح الإحتلال في تفرقة أبناء شعبنا وإبعادهم عن فلسطينهم .. عن أشقائهم وأهليهم .. فلسطين لن تنسي ..
إن العربي الحر سياسياً يختار غربته ويرتضيها مؤقتاً .. فإن أراد العودة للوطن الأصلي سيجد له وطناً فاتحاً ذراعيه بكل ترحاب وسرور ..
لكننا نحن الفلسطينيون كلا .. لن تمر بسلام .. بل لن تغادر في راحة ويسر .. من يستطيع التذمر ..
إنها أرض سليبة .. شعب مضطهد في الداخل والخارج .. حكم عليه بالشتات .. ولكن هيهات
إليكم أخوتي يا من حكم عليكم بالتغريب عن موطنكم .. إليكم أهدي أولى كلماتي .. أخطها إليكم لتحاكي شوق الأرض لأبنائها وأبنائكم .. إليكم يا من تغربتم عن موطنكم .. لا تبتئسوا فمكوثكم بعيداً عن فلسطينكم هو رباطكم الذي فرض عليكم .. اصبروا ورابطوا واغرسوا في نفوس أبنائكم الأمل والحب والإنتماء ..
يا طالب العلم لا تبغي به بدلا *** فقد ظفرت ورب اللوح والقلم
وقدس العلم واعرف قدر حرمته *** في القول والفعل والآداب فالتزم
وانهض بعزم قوي لانثناء له *** لو يعلم المرء قدر العلم لم ينم
والنصح فابذله للطلاب محتسبا *** في السر والجهر والأستاذ فاحترم
ومرحبا قل لمن يأتيك يطلبه *** وفيهم احفظ وصايا المصطفى بهم
[/color][/b]