النكتة الفلاّحية ــ 6
طرائف من حياة وذاكرة القرية
جمع وإعداد : الداعي بالخير: صالح صلاح شبانة
الحمار الوقور :ــ
يوم من لِيّام واحد من بلدياتنا بقى شهم ويمزج المزح بالجد ، وبحب يتخوّث ويسحب أفلام وخصوصا على الحكومه ، المهم ، إجته وحده نوريه من اللي بقوا ينصبوا خرابيشهم في البلد يومين ثلاثة ، وبعده يدوروا على محل ثاني ، المهم ، أخو النورية بقى متهم بقتل واحد ، وهي بدها من بلديتنا يحصره ، يعني يقول للقاضي : عن اليوم اللي صارت فيه الجريمه وهو بقى يوم جمعه : أنا بقيت بعد اعشايين ، يعني بعد صلاة العشا بحجم ما بين المغرب والعشا ، بقيت امسند على دارنا بعد ما سهرت عند جماعه ، واتورشحني الكلاب ، وصيّح عليهن ، وقلت له مسا الخير يا فلان ووفيت طريقي ، وهذي كل المسأله ، قال الها : بسيطه يا عمي ، توكلي على الله ، أنا إلها وللي أكبر منها ، وسبب الحصر أنه في هذاك الزمن ما بقى ممكن لواحد يرتكب جريمه في مكان بعيد ويرجع بهذيك السرعه ..على شان هيذ بقى حصره في هذاك الوقت براءة إلو من التهمه اللي مدبسينه فيها ...!!!
العم الفاضل ما قصّر مع سلمى ، وراح على المحكمه وحصر أخوها ، وأطلعه مثل الشعره من العجين ، ورجع لخربوشه سالم غانم ...!!!
والله زي ما تقولوا ردوا قلبوا الأمر ومَحّصوه ، لقوا الجريمه صارت في يوم السبت مش يوم الجمعه ، إجوا وكلبشوا النوري ودكوه في بيت خالته ، إجت أخته وهي من حلاوتها ما بتتفشل ، وقالت: دخيلك يا عمي ، صار كيت وكيت ، وطلعت الجريمه يوم السبت مش يوم الجمعه ...!!
وسألها : وشو بتأمريني يا عمي ..؟ قالت تحصره يوم السبت بدال يوم الجمعه ، الزلمه قال لها إبشري يا عمي ،راح قبل يوم الشهاده على باب المحكمه، وسأل المحاميين، واصحاب السوابق عن الوقعه اللي هو فيها ، وأجمعوا : إنك إذا بتغير شهادتك رح القاضي يحبسك بتهمة تضليل العداله ، فبدك تدير بالك على حالك ، الشغله ما فيها مزح ...!!!
اللي بقولوه صح ، بس هو وعد لِبنيه ، والحبس أهون من خلف الوعد ، والزلمه برتبط من لسانه ، ولِحمار من ارسانه ، وحلف لو فيها شنق ، مش بس حبس ، ما أخلف مع لبنيه ، المهم ، يوم الجلسه ما راح على المحكمه ، بعثوا له دورية خيّاله من الفرسان ، وشحطوه يوم الأحد على المحكمه ، وبعد ما شهد قال له القاضي ، موعد الجلسه بقى انبارح السبت ، ليش ما إجيت عَ المحكمه ..؟؟ وبقى القاضي في الخمسين من عمره ، شعره شايب ، وعلامات الوقار على وجهه ، فقال له بلدياتنا : ضاع حماري ورحت أدور عليه ، قال له : وشو صفات هالحمار اللي بتدشر موعد الجلسه في المحكمه وبتروح اتدّور عليه ..؟؟؟ ، قال له : مثل أفضالك يا سيدي ، شعره شايب ووقور ، وبعدين السبت أخو الأحد ، شو أفرقت يعني ؟؟ ، قال القاضي : إنتوا جايبين لي شاهد مجنون ؟؟ يالّله بره ... وطرده وأطلع النوري من السجن ..!!!
باغة الفشك :ــ
وعمنا الفاضل نفسه ، مسكوا عنده باغة فشك ، أيام الإنتداب الأنجليزي ، وبقى حكمها إعدام ، شحطوه على المحكمه،القاضي حاطط قدامه الباغه كدليل إدانه،أشرعلى الباغه وقال لبلدياتنا : هذا إلك ؟؟ ، بلدياتنا بكل البراءه اللي خلقها ربنا والسذاجه منها وغاد ، قال للقاضي : أي نعم ، هذي إللي ، هون فقعت مع القاضي وقال : وبكل بساطه ووقاحه ولا كأن للمحكمه ولا لحكومة صاحب الجلاله أي اعتبار عند حضرة جنابك ..؟؟ أدعى بلدياتنا الدهشه والإستغراب وقال للقاضي ببلاهه : يابيعك تعتبرها جريمه ..؟؟ أي عندي مثلها امثال ، ابتسم القاضي بسخريه وقال : يا سلام ..!! ، ويا ترى شو بتعمل فيها ؟؟ ، واستبشر بلدياتنا مثل الطفل الزغير وقال : شو بسوي فيها ؟؟ ولو انه سر المهنه ، بس أنا بدي أقولك مشان ما تظل في نفسك ، وهون قرّب عَ الباغه وسحب رصاصه وعمل أصبعه الشاهد وأصبعه السبّابه على شكل خمسه ، وقال : بنجيب هذي الخايره، وحجر خرامه مثل هيذ (شكل الخمسه) ، وبنحط راسها هيذ ، وبنقزعها ، وبنحط الملح لِسود اللي فيها وبنكومه على جنب، وهذا (جسم الرصاصة النحاسي) بنروح نشتري فيه قضامه ، وهذا ، (عن ملح البارود) بنجيب كحاته ، وبنولع عود ، وبنحطه عليها (واقترب من وجه القاضي) كون تقول (وششششششششش) ، وهون القاضي صرخ على الشرطي وهو يقول : اطلعوا هالمجنون برّه .... وهيذ بقى بلديتنا يتخوث عَ القضاه والحكومه ، ويطلع منها مثل الشعره من العجين ....!!!!
وعمنا الكريم هذا لو بدنا نسنسل نهفاته ، بده مجلد كامل ، وهو عاش فوق ال(115) سنه ، كلها طرائف ونوادر وحكم ، يا ريت نتعلم منها ونستفيد .. والجبر على الله ...!!!
الشرب في رمضان :ــ
يوم من الأيام وبقى الزمن رمضان وجاي في آب اللهاب ، ولما تصير الدنيا الضحى لو الواحد يشرب كاسة ميه تلاقي حلقه بطشطش ، تقولوا واحد داير الميه على الشيد الفحل ... هذا كيف لمّا ييجي المغرب..؟؟؟
عمنا العزيز حط مطرة هالميه بين شوالات القمح ، وعند الفجر قصد باب الكريم على المطحنه اللي بدها مشوار لقبل العصر ، وجايز يبيت هناك ، ويرجع ثاني يوم ، ما أظهرت ولاَّ هو شايف نجوم الليل بعز الظهر ، وجوزته طاقه من العطش ، مد إيده عَ المطره ولاَّ هي بارده بتنعش القلب ، مسكها وتطلع على السما وقال : يا رب إن شربتها على نفس واحد إحسب لي اليوم صيام ، وان تنفست ببقى أقضيه بعد رمضان ، ودار المطره في حلقه ، وعلى نفس واحد ما خلاَّ فيها ولا نقطه ، وتابع صيامه عادي ، ولا كأنه إشي حصل ...!!!!!
طبعا هذي الفتوى وغيرها من سقط الصلاه ، ومن فتاوي كثيره ، بقوا الناس بفتوا أنفسهم فيها ، في زمن بقت البلد منها ليها ما فيها اللي يفك الحرف ، ولاَّ يقرا المكتوب وربنا غفور رحيم ، حسب نية العبد الغشيم مسيّر هالحياه معهم ، سارية والرب راعيها ، زي ما بقول المثل ، ولو عندهم الصحيح لعملوه ومشوا فيه ...!!!
السحور المتأخر :ــ
وعمنا إياه بقت الدنيا رمضان يعيده علينا بالخير والإيمان كل ما هل هلاله ، ما صحي على السحور ، يوم صحي بقى الفجر فاجج والنور مملي الدنيا ، قال لمرته : دقي هالبطانيه على الشباك ، غطت الشباك عتمت الغرفه ، قال الها إضوي الضو ، ضوت الضو ، نزلي هالسحور خلينا نتسحر ، حطت له سحور وتسحر وبعدين شال البطانيه عن الشباك ، وصام عادي ولا كأنه إشي صار ...!!!