وتموت الكلمة
لا تصلب الكلمة على جدار الخطيئة ..
ما خلقت الكلمة لتصلب .. ما خلقت الكلمة لتخنق .. ما خلقت الكلمة لتقتل ..
ما خلقت الكلمة كي تصلبها أنت ..
ما خلقت الكلمة إلا لتكون .. عصافير حب .. فراشات نور .. بلابل شوق ..
زهور بساتين .. نحل براري .. عناقيد أمل ..
فلماذا ترفع لها الجدار وتنصب على أعواده مشنقتها ؟
كانت الكلمة ..
طاهرة .. طهارة النور حين تنبثق خيوطه الماسية تداعب أفق السماء الحالم في ساعات فجره الأولى ..
نقية .. نقاء زخات المطر حين تلامس بأكفها الباردة ملامح وجه الأرض المكفهرة من زوابع الغضب ..
صافية .. صفاء الشهد حين يراق على أحلام الصباح فتشرق الشمس من بين حاجبيها .. ولا تمسي حتى تهجع الأحلام ثانية وتستكين بحضن المساء .. تحلم بشهد يراق وشمس غد تشرق ..
الكلمة تموت ..
نعم تموت ..
الكلمة تموت .. كما يموت البشر . .
لكنها لا تصلب على الجدار كما صلب تاريخ هزيل لم يجد له مأوى سوى جدار أيل للسقوط
فتهاوى عليه إلى غير رجعة ..
الكلمة لا تصلب .. لكنها عندما تتحجر في جوف القلب وعندما تجف الدموع في المقل ..
وعندما يبتلع الموج آخر صورة لك وتغني النوارس أغنية الوداع الأخير .. عندها ستموت الكلمة ..
وعندها فقط لا أجد ما أحمله لك بين يدي سوى هذا الرجاء ..
لا تصلب روح الكلمة على جدار الخطيئة ..
كلمة .. ما ذنبها ؟
كلمة .. ما عاندت الريح يوما ً ولا صدت زخات المطر .. ما عانقت الردى على مقابر الفقراء ولا أرخت له بظلالها .. فما هو ذنبها ؟
كلمة طاهرة خرجت من قلب طاهر صافحت سماء الحب .. عانقت طيور الحب .. نسجت بأناملها الطاهرة وشاح الحب ..
ما ذنبها كي تصلب روحها على جدار الخطيئة ؟
هذه الكلمة لا تصلب ..
هذه الكلمة ماتت ..
كما يموت البشر .