بسم الله الرحمن الرحيم
تقوم عقيدة الاقتصاد الإسلامي على مبدأين :* المال مال الله ونحن مستخلفون فيه : وبذلك فنحن مسؤولون عن هذا المال ، كسباً وإنفاقاً ، أمام الله في الآخرة ، وأمام الناس في الدنيا ، فلا يجوز أن نكتسب المال من معصية ، أو ننفقه في حرام ، ولا فيما يضر الناس . * دور المال : المال هو أداة لقياس القيمة ، ووسيلة للتبادل التجاري ، وليس سلعة من السلع ، فلا يجوز بيعه وشراؤه ، ولا تأجيره
خصائص الاقتصاد الإسلامي* الاقتصاد الإسلامي جزء من الإسلام وهو مرتبط الاتباطاً تاماً بالدين : فلا تنفصل الأنظمة الاقتصادية في الإسلام عن المبادئ والقيم والأخلاق التي جاء بها الإسلام * اقتصاد تعبدي ، بمعنى أن حرفة المسلم التي يرتزق منها إذا كانت في الأصل مشروعة ، وسلك بها الطرق المشروعة ، وابتغى منها كفاية نفسه وأهله وخدمة الناس ، ولم تشغله عن واجب ديني ، ولا عن عبادة ربانية ، ولا عن عمل صالح يرقى به انقلبت هذه الحرفة إلى عبادة ، لذلك تعد عادات المؤمن عبادات ، فالحافز المادي في الاقتصاد الإسلامي ليس الهدف الوحيد بل يرتبط برضاء الله ، والعمل لللآخرة ، قال تعالى : قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرقابة في الاقتصاد الإسلامي ذاتية قبل أن تكون خارجية ، وهي بهذا أشد قوة وأكثر فعالية ، وتحقق جميع الأهداف ، وتمنع التهرب من أداء الحقوق قال تعالى : وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، وقال تعالى :
إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء ِ فالوازع الداخلي أقوى بكثير من الرادع الخارجي * التوازن بين المصلحة الفردية والجماعية : والأخذ بهما وعدم إغفال إحداهما لأن الفرد والجماعة ليسا خصمين ، وعند تعذر التوفيق بينهما نغلب مصلحة الجماعة ...كنهي النبي عن تلقي الركبان ، وبيع الحاضر للبادي ، والاحتكار ، والشفعة )* التوازن بين الروح والمادة : وقد حث الإسلام على التوازن بينهما قال تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وقال تعالى : وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِين* الاقتصاد الإسلامي اقتصاد أخلاقي : ولا يفصل بينهما بخلاف الأنظمة الاقتصادية الأخرى فمن أخلاق التاجر المسلم السماحة ، الصدق ، الأمانة ، والنصح ، والقناعة ، والتواضع ، والرحمة ، والابتسامة ، وغض البصر ، عدم رفع الصوت ، وقد قال النبي ( ص ) التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة ، وقد كان لهذه الأخلاق أثر كبير في انتشار الإسلام ، ولا سيما في إندونيسيا ، والصين * الاقتصاد الإسلامي اقتصاد موضوعي : أي أن الأمانة ، والتعاون على الخير ، والنصح ، وتحريم الربا مطبقة على الجميع ؛ مسلمين وغير مسلمين
القواعد الاقتصادية* المشاركة في المخاطر: وهي أساس الاقتصاد الإسلامي وعماده ، وهي الصفة المميزة له عن غيره من النظم ، فالمشاركة في الربح والخسارة ، هي قاعدة توزيع الثروة بين رأس المال والعمل ، وهي الأساس الذي يحقق العدالة في التوزيع * موارد متميزة للدولة : ينفرد هذا النظام في وجود الزكاة كمورد ينفرد به الاقتصاد الإسلامي . وهي أشبه شيء بالضرائب ، لكنها ضرائب على المدخرات ، لتشجع على استثمار المال بدلا من كنزه ، مما يدفع عجلة الاقتصاد والإنتاج للدوران * الملكية الخاصة : يحمي النظام الإسلامي الملكية الخاصة ، فمن حق الأفراد تملك الأرض والعقار ووسائل الإنتاج المختلفة مهما كان نوعها وحجمها ، بشرط أن لا يؤدي هذا التملك إلى الإضرار بمصالح عامة الناس ، وألا يكون في الأمر احتكاراً لسلعة يحتاجها العامة ، وهو بذلك يخالف النظام الشيوعي الذي يعتبر أن كل شيء مملوك للشعب على المشاع . * الملكية العامة : تظل المرافق المهمة لحياة الناس في ملكية الدولة ، أو تحت إشرافها وسيطرتها من أجل توفير الحاجات الأساسية لحياة الناس ومصالح المجتمع ، وهو يخالف في ذلك النظام الرأسمالي الذي يبيح تملك كل شيء وأي شيء. * نظام المواريث في الإسلام ، يعمل نظام المواريث على تفتيت الثروات وعدم تكدسها ، حيث تقسم الثروات بوفاة صاحبها على ورثته بحسب الأنصبة المذكورة في الشريعة * الصدقات والأوقاف : وتعد الصدقات والأوقاف من خصائص الاقتصاد الإسلامي التي تعمل على تحقيق التكافل الاجتماعي ، وتغطية حاجات الفقراء في ظل هذا النظام . * تغليب المنفعة العامة على المنفعة الخاصة عند التضارب * مراقبة السوق ... ولكن دون التدخل في تحديد السعر عن طريق بما يسمى بالمحتسب * الشفافية فقد حض الإسلام على الشفافية من خلال منع الرسول التجار من تلقي القوافل القادمة والشراء منهم قبل أن يعلموا السعر الحقيقي * تمييز ما يقع ضمن الممتكلات العامة أو الفردية ، وليس معناه التفرقة بين الممتلكات العامة والخاصة ، ولكن التمييز يعنى تبعا للقاعدة الفقهية دفع الضرر العام بالضرر الخاص
المحظورات في النظام الاقتصادي الإسلامي* تحريم الربا : الربا محرم في الإسلام. بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة. * تحريم الاحتكار: وهو محرم من السنة والأحاديث النبوية الشريفة ، لما فيه من الإضرار بمصالح العامة والاستغلال لحاجاتهم ، وما يتسبب فيه من قهر للمحتاج ، وربح فاحش للمحتكر. * تحريم الاتجار في القروض : القروض هي إحدى صور المال . فلا يجوز الاتجار به ، إذ أن المال لا يباع ولا يشترى . تحريم بيع ما لا يمتلكه الفرد - وذلك لمنع المخاطرة أو المقامرة. * تحريم بيع الغرر، وبيع الغرر هو بيع غير المعلوم ، مثل بيع السمك في الماء ، أو أنواع المقامرة التي نراها منتشرة في مسابقات الفضائيات ، وشركات الهواتف ، اتصل على رقم كذا لتربح أو أرسل رسالة لتربح ، وهي كلها من صور المقامرة التي حرمها الله عز وجل . * تحريم الاتجار في المحرمات ، فلا يجوز التربح من ماحرّم الله عز وجل ، من التجارة في الخمور أو المخدرات أو الدعارة أو المواد الإباحية المختلفة ، وغيرها من المحرمات
نظرة الإسلام للسوق* يؤمن الاقتصاد الإسلامي بالسوق و دوره في الاقتصاد حيث أن ثاني مؤسسة قامت بعد المسجد في المدينة المنورة هي السوق ، وإن العديد من الصحابة كانوا من التجار مثل أبو بكر الصديق ، و عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وغيرهم .
الأدوات الاستثمارية في النظام الإسلامي* المضاربة : وهي أن يدفع صاحب المال مالاً لصاحب العمل ، أو المؤسسة الاستثمارية من أجل استثماره له ، على أن يتم توزيع الأرباح على أساس نسبة محددة من الربح ، وليس من أصل المال ، وهذا يحقق قدرا أكبر من العدالة في التوزيع عما يحقق النظام الربوي . ولا يتم توزيع الربح إلا بعد استعادة أصل رأس المال. * المرابحة : وهي أقرب شيء للتجارة العادية ، أن يقوم صاحب المال بشراء سلعة من أجل بيعها بسعر أعلى ، سواء كان هذا البيع الأخير آجلا أو تقسيطاً أو نقداً. * المشاركة : في المشاركة يكون الأطراف مشاركون بالمال والجهد ، أو بأحدهما ، وتكون ملكية النشاط التجاري مشتركة بينهم . ويتشاركون في تحمل الربح والخسارة. * الإجارة : أن يشتري صاحب المال أو المستثمر عقاراً أو معدّات بغرض تأجيرها. ويكون هذا الإيجار، بعد مصروفات الصيانة ، هو ربح النشاط التجاري. * السَـلَم : وهي الصورة العكسية للبيع الآجل ، ففيها يتم دفع المال مقابل سلعة آجلة . على أن تكون السلعة محددة وموصوفة وصفا يرفع الخلاف . والحمد لله رب العالمين