عن الشاعر الحطيئه
برع الحطيئة باختيار ألفاظ القصيدة التي جاءت منسجمة مع
الجو العام ،فقد وظَّف لوصف حال الأب والزوجة والأبناء في
الصحراء ألفاظاً تحمل دلالات الفقر والوحشة مثل : طاوي
،عاصب البطن ،مرمل ،أخي جفوة ،بؤس ،أشباح ،حفاة،عراة . هذه
الألفاظ تستطيع أن تحمل دلالات القلق والخوف من المجهول ،
وفي لحظات القلق والخوف وظَّف ألفاظاً لوصف الحالة
الانفعاليّة المهزومة لما أصابها من همِّ وغمِّ لمقدم
الضيف ، حتى في تلك اللحظات التي عرض ابنه عليه ذبحه نحو؛
يسوَّر، راعه ، حيره ، اهتمَّ .
هذه الانفعالات النفسيّة التي عاشها الأب ، دَفَعَته
للاستغاثة ، وقد أبدع الشاعر في رسمها من خلال استخدام
أساليب الاستغاثة والقسم والدعاء للدلالة على حجم المعاناة
والقلق والحاجة الماسَّة لاستجابة الله لدعائه ، فقال : "
هيا ربَّاه ضيف ولا قرى " وكذلك " بحقِّك لا تحرمه تالليلة
اللحماحتى في مشهد ورود الحمر الوحشية إلى الماء رسم صورته
بطريقة هندسيّة " انتظمت من خلف مسحلها " ، " وأرسل من
كنانته سهما " ، فقد أحسن في توظيف اللفظ أرسل للدلالة على
الهدوء والثقة ، ولذلك كانت رميته صائبة ، في حين لو
استخدم اللفظ رمى لكانت الصورة موحية بالاضطراب والتسرّع ،
وربما كانت رميته طائشة .
ولأن الشاعر بنى قصيدته على التوتّر والقلق ، شاع استخدام
الأفعال الدالة على الحركة لإشاعة الحركة داخل النص التي
من شأنها تقريب المشهد عند المتلقَّي ، فوظَّف الأفعال
؛اذبحني ، أحجم ،خرَّت ،جرَّ ،انساب ، هذه الأفعال جعلت
الصور مشحونة بالحركة " أرسل من كنانته سهما " صورة حركيّةّْ
العاطفة :
تنوَّعت العواطف في النص ، فجاءت خليطاً بين البؤس والحزن
والقلق والتوتّْر ، وبرزت بشكل واضح : ـــ عاطفة الرِّضى
والقبول بالأمر الواقع ،وهو قسوة الحياة .
ـــ عاطفة الأسى والحزن على الأبناء
ـــ عاطفة الخوف من التقصير بحق الضيف
ـــ عاطفة البُشرى والفرح بالصيد الثمين .
الموسيقى :
بنى الشاعر قصيدته على البحر الطويل ، هذا البحر منحه طول
نفس في البيت الواحد ، ومنحه مساحة واسعة ليعبّرِ عن
انفعالاته النَّفسيّة مستخدماً قافية الميم وألف الإطلاق
التي جاءت مناسبة لموضوع القصيدة ، وساعدته على إطلاق
آلامه وشكواه من قسوة الحياة