الشحاد الشاعر
بقلم الداعي بالخير صالح صلاح شبانة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]لا أحد يزاود على الشعراء ، فهم الأجمل كلاما ، والأوسع خيالاً والأرحب صدوراً..!!! وكان الشعر ديوان العرب ، وكم من شاعر رفع قبيلته إلى عنان السحاب ، وهابت جانبه لأجل لسانه العرب ، فلسانه اشد وجعاً من السياط وجراحه أعمق من ضربات السيوف وطعنات الرماح ، فصار الشعر ديوان العرب ، حتى أن العرب الأوائل استنكروا على الشعوب والأمم غير العربية كتابة الشعر وقوله ، وقائل قائلهم : ما لهم وللشعر الشعر ديوان العرب ؟!!
، فكان الشعر أعذاب الكلام وأوسع الخيال ، حدائق غناء من الوجد والوله يهيم فيها العشاق ويسرحون ويمرحون ..!!!!
ولكل زمان حال .. فتغير الشعر ولمْ يعد يقرأ ولا يُفهم ، إنه كلام غامض غريب بأسماء كثيرة ، لا يفقهه الشعراء أنفسهم ، وصار المعنى في قلب الشاعر طلاسم وابتعد الناس عن الشعر ، ولمْ يعد أحدا يعرف الشاعر من غير الشاعر ، وصار الشاعر عاجزاً عن التعبير بحبه لأقرب المخلوقات إلى نفسه ...!!!
وصارت القصيدة حقل ألغام مفخخاً ، تدخلها حذراً وفرائصك ترتعد خوفاً من انفجار شطرة أو كلمه أو حرفاً فيك .. فكيف لو تفجرت بك القصيدة ؟؟
بعد أن كان الشعر حديث الخاصة والعامة صار حديث نخبة النخبة ، وصار الشعر بلا عشاق ولا مستمعين ولا قراء .. ترتص الدواوين على رفوف المكتبات لا تجد من يشتريها ، وان اشتراها خجلاً وحياء لا يقرأها ، وحتى لو أهديت إليه لا يقرأها ... وان قرأها لا يفهمها وان فهمها لا يهضمها ، حتى ولو ( نقعها وشرب ميتها ) ...!!!!
لماذا انحدر الشعر ولمْ يعد يرفع ممدوحاً ولا يغور بسابع ارض بمذموم ؟؟ !!
الجواب بسيط لأنه صار غريباً عن الناس ، موغلاً بلغة وأوصاف وتشابيه لا يفهمها احد ولا يستمتع بها احد .. فصار الشعر غريباً ، ولا ينطبق عليه هنا طوبى للغرباء ، بل سحقا ومحقا للغرباء ..!!!
وصار اقل كاتب إستدعاءات لا يعرف الإلف من كوز الذرة ، يجني ربحاً ودخلاً أكثر من اكبر شاعر ، واختلط نحن لدينا العامة ، الشاعر يالشويعر بالشعرور ولمْ نعد نميز احدهم عن الآخر .. لذلك لمْ يكن غريباً أبدا عندما رأى الشحاد الغادة الحسناء التي نزلت من السيارة الفخمة إلى المتاجر الكشخة أو الأفخم ، وعقدت دهشة جمالها لسانه ، فانطلقت بعدها من عقاله وقال ( الله يسعد هـ القد المياس اللي بوخذ عقول الناس ..) فهز كيانها ذلك الشحاد الذي كل شيء فيه قذر من مهنته إلى هيأته مع ذلك قال قولاً لامس قلبها فتناولت من محفظتها ورقة نقدية من فئة الخمسين ديناراً ونقدته اياها ...!!!!
فهل يكفي الشاعر آن يكون شاعراً ، أم يجب ان يكون حظه حظ شحاد ..؟؟؟!!
تغني محمد فوزي في شحاد الغرام بأعذب الألحان ، وشحد عرار نظرات الصبايا أمام البريد ، في عمان ، واخرج لنا من إبداعه ( تسول شاعر ) والتي شدت بها نجمة الشرق هيام يونس ، وكذلك ( المنالوجست ) حسن الحلبي ..، رحمهم الله جميعا ..!!
وكان كل ذلك فناً رفيعاً ، خلدته السينما وخلدته الكتب .. ولكن اياً منهم لم تنقده حسناء مبلغاً هائلا ًبالنسبة لفقير ولا أقول لمتسول ، لأنه لا أعرف درجة ثرائه ، والتي ستكون هائلة بالنسبة للفقراء ، فهم مافيا منظمة ، امتهنوا التسول ، وهم أكثر ثراء ممن ينقدونهم المال ، وتلك قضية أخرى لا نريد اقحامها على هذا النص الطريف ....!!!
ولكنه كان بنظرها بتلك اللحظة فقير معدماً ..!!!!
لقد تغزلت بمئات الصبايا الحسان ولمْ أحصل على وردة ولا تعريفة حمراء ...!!!
رغم أني قلت كلاماً بسيطاً ..، لا لسبب إلاّ لأن الشعر لمْ يعد وسيلة تكسب في هذا الزمان .. بعد أن أغلقت العرب ديوانها ولمْ يعد الشعر ديوان العرب....!!!!
ليت لي قلب شاعر وحظ شحاد ، تجود عليّ الحسان بنظرة , ببسمة ، كما جاد سرب ظبيات وادي السير بنظرات لشاعر الأردن الخالد عرار .. مصطفى وهبي التل ، رحمه الله كم كان عظيما ببساطته وبقلبه الذي لم يوصله للخمسين ،،،فرحلت تلك العبقرية مبكرا ، وبقيت أشعاره ، وسيرته الأطيب كثيرا والأطرف من أشعاره ...!!!
رحمه الله تعالى
نشرت في جريدة اللواء الأردنية في 26/10/2005
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]منتديات سنجل الباسلة
الموقع الشخصي والخاص لأبداعات الكاتب والباحث التراثي صالح صلاح شبانة
ارجو المساهمة بنشره خدمة للتراث الشعبي الفلسطيني .