بعد يومين سيحل يوم الأرض الذكرى القديمة ليوم بدأه الفلسطينيون في تمرد وعنفوان رافضين كل محاولات التهويد والاستيطانية يوم الشرارة يوم النضال ويوم تمسك الشعب بأرض آبائه وأجداده يوم التشبث بالوطنية والمحافظة على الصبغة العربية .
يوم الأرض هو يوم درامي متواصل من حكاوينا ومراثينا وأعراس شهدائنا إنه يوم فضحت فيه كل الأنظمة ودمرت فيه صورة حمل الديمقراطية وعادت أشلاء شعبنا تعلن التمرد والحرب على الموت فلتنتصر إرادة الشهيد على القتلة .
يوم الأرض هو يوم الانتفاضة الوطنية العارمة التي تفجرت علي شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبية في جميع المدن والقرى في فلسطين المحتلة منذ عام 1948م احتجاجا علي التعسف الصهيوني وسياسة التمييز العنصري ومصادرة الأراضي التي تمارسها السلطات الكيان الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني الصامدين علي أرض الوطن منذ عام 1948م ، ومحاولة هذا الكيان اقتلاعهم من أراضيهم ، وتمزيقهم إلي مجموعات صغيرة منعزلة ، والتضييق عليهم بمختلف الوسائل والأساليب القمعية .
لم تكن انتفاضة يوم الأرض وليدة صدفة ، ولم تكن كذلك نتيجة السبب المباشر الذي أشعل فتيلها وهو مصادرة دفعة جديدة من الأراضي الفلسطينية ، بل كانت وليدة مجمل الوضع الذي يعانيه الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة منذ قيام الكيان الصهيوني .
أرضنا هي عرضنا , أرضنا هي أمنا , ويوم الأرض هو يوم الأم الحقيقية , وبهذه المناسبة اسمحي لي أيتها الأم بأن أقدم لك أكليلا من الورد لتضعيه على قبور من أحبك إلى حد الولوج بين أضلعك وفي تربتك , وباسم كل من يحبك, وما زلت تعيشين فيه أو قضى من أجلك .
بعد حلول هذا اليوم بكل تأكيد سنرفع الشعارات ونتظاهر كما أفعل أنا الآن ونقول عاش يوم الأرض وسنعلن عن غضبنا ونقول قبل غيرنا نحن هنا باقون صامدون كصخرة المعراج كشجرة التين والزيتون .
رغم الألم والدماء الزكية التي ما زالت تسيل ونحيي لها الذكرى على مدار الأشهر فقد أثبت هذا الشعب أنه أقوى من قدره , وأعتى من قاهريه , وأشمخ من رواسيه .
في الثلاثين من آذار قبل خمسة وثلاثون عاما هبت أرضنا تستغيث , فمزقت جماهيرنا الصمت وخرجت لتجدد عهدها فهتفت حناجرها :
أي ترب غير هذا التراب
من مسك وعنبر
أي أفق غير هذا الأفق
في الدنيا معطّر
وسقط الشهيد الأول , فقالت أرضنا أستحق المزيد فلبّى الثاني نداءها , وتلاه ثالث فرابع , فخامس , فسادس والمشهد أزهر بين دخان بنادقهم ودماء أبناءنا وأبتسمت الأرض وقد اطمأنت أن أصحابها بخير وأنهم لا زالوا هنا لم يبرحوها وهي التي زلزلت تحت أقدام فلذاتها المهجرين في نكبتها الكبيرة .
إن يوم الأرض يوم قاس طويل من تاريخ قاس طويل ، خاضت خلاله جماهير الشعب الفلسطيني معارك شرسة ضد العدو الصهيوني، وتعرضت فيه للاعتداءات الدامية ، وقدمت تضحيات غالية من أجل البقاء علي ارض الآباء والأجداد وتصفية الوجود الصهيوني العنصري الاستيطاني .
واليوم تكتسب ذكري يوم الأرض معني خاصا متميزا مع العام الخامس على الانتفاضة بكل شمم وفخر وكبرياء ، مسطرة ملحمة جديدة من ملاحم البطولة والصمود ، دون أن يتمكن العدو الصهيوني من إيقافها أو الحد من وتيرتها المتصاعدة رغم استنفاذه كل ما لديه من وسائل قمعية ، و تصاعد الهجمات البربرية لرعاع المستوطنين وقوات الاحتلال الصهيوني الذين يشنون حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني الذي يسطر أبناؤه بدمهم أروع معاني البطولة والتضحية ، ويخلدون المآثر الناصعة في سفر التاريخ ، ويهبون هبة رجل واحد للدفاع عن أرضهم ووحدتهم ومصيرهم الواحد ، هذه الانتفاضة التي سقط فيها الشهداء من عرب فلسطين المحتلة عام 1948م ومن الضفة الغربية ومن قطاع غزة ومازالت الأرض عطشى فهل تقبل بالاحتفال بيومها قبل المزيد .
إن قصة الأرض هي قصة الشعب الفلسطيني مع الحركة الصهيونية ، وبالتالي فإن التشبث الفلسطيني بأرض الوطن فلسطين هو لب الصراع مع الحركة الصهيونية ونتاجها المادي الدولة الصهيونية .ومن هنا فإن قصة الأرض هي قصة التشبث بها ومد الجذور عميقا في جوفها ضد محاولات الصهاينة والتهويد والاستلاب .
فتاريخ النضال الفلسطيني الزاخر يرتكز حول التمسك بالأرض ، لكون النضال من أجل الأرض هو في الأساس نضال ضد الوجود الصهيوني المفتعل فوق أرض فلسطين .
إن يوم الثلاثين من مارس يوم الأرض ..
هو يوم الوطن ..
يوم الشعب الفلسطيني ..
يوم الرفض للمشروع الصهيوني ..
يوم الإعلان عن حق الشعب الفلسطيني في بقائه علي أرضه ..
هو يوم الإعلان عن إصرار الشعب الفلسطيني علي ممارسة حقوقه كاملة .
وأقول في يوم الأرض :
يا جرحنا الحي تشبث
واضربي في القاع يا جذور