أحداث تونس ومصر الى أين؟ ماذا بعد مبارك وبن علي؟
لا زالت الاحتجاجات على نظام الحكم في مصر مستمرة، تطالب بإسقاطه وإسقاط رموزه، بدءاً بالرئيس حسني مبارك ومعاونيه، ومثلها ما كان في تونس، عندما خرج الناس في مظاهرات واسعة شملت البلاد، حتى فر الرئيس بن علي مع عائلته، ولا زالت جماهير الناس في تونس ترقب الحكام الجدد (القدامى) تنتظر التغيير الذي ترجوه.
وعلى الرغم من تنحي الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة، إلا أن الأوضاع لم تختلف كثيراً عما جرى ويجري في تونس، وأثناء كتابة هذه السطور كانت الأحداث تتتابع ولم تصل إلى نهايتها، والجميع يرقب اللحظة القادمة دائماً، ونسأل الله أن يجعل العاقبة للمتقين.
لا شك أن ما يجري في هذه البلاد وفي مشرقنا عامة، هو أمر عظيم، وهذا ظاهر في اهتمام الجميع به واهتمام كل من له علاقة أو مصلحة بمنطقتنا، سواء أكانوا في أميركا أم أوروبا، أم سائر حكام العرب، وإن اختلفت المواقف وتناقضت.
فكذلك حملة الدعوة، دعاة التغيير، هم أول المشاركين والفاعلين في هذا الجهد، وما يوجب هذا من الوقوف على دقائق الموقف، ومعرفة الأطراف المشاركة، والمعارضة، والمؤيدة، والمستفيدة، والانتهازية، وسواء أكانت قوى داخلية في البلد، أم قوى خارجية، وسواء أكانت غربية، أم تابعة لقوى غربية؛ لأن التغيير هو عمل حملة الدعوة وغايتهم، وهم يسهرون عليه ليل نهار، ومنذ عقود هم يدعون لهدم الأوضاع الشاذة التي خلفها الاستعمار بعد هدم الخلافة، حيث أقام هذه الدول، ونصب عليها هؤلاء الحكام، وأحاطهم بهذه الأوساط السياسية، وجعل من بلادنا محميات تابعة له في كل شيء، في الحكم والاقتصاد والسياسة والجيش... فهذا لأميركا وهذا لبريطانيا، وهذا لفرنسا، وهذا محل صراع إنجلو أميركي، أو فرنسي أميركي، أو فرنسي إنجليزي.
لقد مضت عقود على حملة الدعوة ، وهم يقارعون الاستعمار الغربي الكافر، وأنظمة الحكم في بلاد المسلمين، في كفاح سياسي مرير ومشرق، سُطِرَت فيه صفحات من نور في سجل هذه الدعوة وهذه الأمة في العصر الحديث، في كل مكان تواجدت فيه الدعوة ورجالها المُخلصين، في بلاد الشام: في فلسطين أو الأردن أو سوريا أو لبنان، في مصر أو تركيا، في تونس أو ليبيا، في العراق أو اليمن، في باكستان أو إندونيسيا، في أوزباكستان أو طاجيكستان.
إن انهيار أنظمة الحكم وهدمها هو الهدف، لكن من أجل بناء نظام الخلافة على أنقاضها، نظام الحكم الوحيد في الإسلام، وهذا هو نصف الهدف الآخر الغائب أو المُغيب!، في هذه الانتفاضات أو الثورات، ولا شك أنه به تقطف ثمرات التضحيات، وإلا بقي الناس يدورون حول أنفسهم، فلا هم قطعوا أرضاً وغيروا من حالهم، ولا هم أبقوا ظهراً من مخزون العزيمة والسخط على الحكام، وهذا ما تسعى له كل الأطراف المتحكمة، حتى وهي تتصارع، فجميعهم متفقون، على الحيلولة دون بروز الإسلام وقيادته للتغيير، وهذا العداء بالرغم من وجوده منذ عقود، ضد الدعوة والخلافة، إلا أن ذلك لم يمنع الجميع من التحذير من جديد في خضم هذه الأحداث من الإسلام وحملة دعوته، سواء من مسؤولين أميركان أم إنجليز أم فرنسيين أم يهود، ومثلهم حكام العرب، وسياسيون ومشايخ ومفكرون.
ومن أبرز نتائج هذا التواطؤ الخسيس غياب أي أثر أو صوت أو صورة للإسلام عن المشهد التونسي والمصري، بالرغم من تنوعه وتشعبه واتساعه، سواء بالتغطية الإعلامية بكل صورها وأشكالها، الفضائية والصحافية، أم التغطية السياسية أو الفكرية أو الخطابية... وصدق الله العظيم القائل (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة] وعلى هذا يجري الرهان، من يقطف الثمار؟ وهل ينجح الغرب الكافر المستعمر، سواء أميركا أم أوروبا أم هما معاً، بواسطة عملائهم، في الحكم والمعارضة، لتبقى بلادنا نحن المسلمين مزارع لهم، ونهباً لمطامعهم، بنواطير جدد؟ لكننا نقول بكل يقين: كلا والله، يأبى الله ورسوله والمؤمنون، والحمد لله القائل: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف 9].
وبالرغم من انكشاف الغرب للناس، وظهور جرائمه وعداوته، لكنه لا يكل ولا يمل عن التدخل بشكل سافر وعلني في بلادنا، وحتى في ثوراتنا وانتفاضاتنا، وهذا ما يستوجب الوقوف عنده، لاتقاء شره وفضح كيده ورد مكره.
ومن أبرز المواقف لهذا الغرب الكافر في هذه الأحداث الجسام:
أولاً: انقلابه وتنكره للحكام الذين قضوا حياتهم وأعمارهم الطويلة في خدمته ومحاربة دينهم وأمتهم وجعل بلادهم نهباً لهذا الغرب، وأداة لتحقيق مصالحه وأطماعه. فبالرغم من كل هذه العبودية، التي عاشها هؤلاء الحكام لسادتهم في الغرب، لكنهم إذا جدًّ الجدّ، يلقون بهم مثل سقط المتاع، ويطردونهم عن أعتابهم، وهم يستجيرون بهم، دون أي عرفان بالجميل، أو إجارة (لمستجير)، أو إغاثة (لملهوف) ولهذا نراهم قد قد صاروا بين مخلوع وفار؟
فهذا هو الغرب، وهذه هي حضارته وقيمه، لا عهد له ولا ذمة ولا أمان، ولا يؤمن غدره، ولا تصفو سريرته، ولا يدوم وده. وهذا ولا شك درس وأي درس لكل العملاء، الذين ربطوا أنفسهم بالغرب، وعاشوا عملاء له، سواء أكانوا في الحكم أم خارجه، وسواء أكانوا عملاء سياسيين أم فكريين أم اقتصاديين أم إعلاميين أم غيرهم، درس لهم، حتى يفكوا ارتباطهم بهذا الغرب، ويعودوا مخلصين إلى صفوف أمتهم، ليفوزوا بعز الدنيا ونعيم الآخرة، بدل الوقوع في مصير من سبقهم في ذل الدنيا وعذاب الآخرة ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
ثانياً: إن هذا الغرب، سواء أميركا أم دول أوروبا ومن يلحق بهم، يتقنون النفاق السياسي بامتياز، فهم مع الحكام يؤيدونهم ويمدونهم بكل أسباب الدعم، ويلبسونهم كل أسباب المشروعية والتمثيل، ويُسَوِّقونهم بكل وسائل الدعاية لهم ولحكمهم، فيصنفونهم بالعدل والرعاية والحرص على البلاد ومصالح العباد، ويحاربون بكل ضراوة كل خروج عليهم، ويصورون ذلك خروجاً على الشرعية، وإخلالاً بالأمن العام، وفتنة وتخريباُ للبلد، والقائمة طويلة من التهم التي يتقن الغرب وساسته وإعلامه إطلاقها على كل دعوة للتغيير في بلادنا، لكنه ما إن يجد كفة الناس صارت هي الراجحة، وأن حكم الرئيس ودولته أخذ ينهار، فإن هذا الغرب ينقلب فجأة وبدون مقدمات، أو حتى تبريرات، وينحاز (إلى الشعب!) (وخيار الشعب!) (وحقوق الشعب المشروعة!) ويدير ظهره للحكام، ويبدأ يهاجمهم ويتهمهم،... في حالة مزرية مقززة، من النفاق والنذالة والخسة ولؤم الطباع، ويأخذ بتعداد سيئات الرئيس، وظلمه لشعبه وتآمره مع أعدائه، وسرقته للأموال، وكأنه لم تكن بينه وبين الرئيس مودة وتآمر، وكأن حسابات اللصوص لم تكن عندهم ولم يكونوا يساعدونهم.
وعن حبهم للشعوب في تونس ومصر مثلاً، فهم الأولياء والأحباء والأوفياء، الذين لا يغمض لهم جفن حتى تتحقق أهدافها، بل وأحلامها، وكأنهم لم يناصبوها العداء سنين وسنين، وكأنهم لم يسوموها خسفاً ومسخاً ونهباً هم يمدون الحكام بكل أسباب الظلم والاضطهاد.
وهذا والله من عجائب قبائح هذا الغرب الكافر المستعمر، قلة حياء من الله ومن عباد الله، ونفاق ظاهر مكشوف يزيدهم مقتاً وإزدراءً!
ثالثاً: تدخل الغرب العلني والمكشوف في بلادنا، في حالة تظهر عقلية ونفسية هذا الكافر المستعمر، وكأن بلادنا هي ملك لهم، ولا بد أن يكون لهم القول والرأي الفصل في شؤوننا جميعاً، سواء كان الرئيس والدولة معهم، يفعل ما يريدون، أم عندما يسقط الرئيس وينهض الناس للتغيير، فهم كذلك يريدون أن يكونوا مع الشعب وخياراته؟!
فها هي أميركا وحكومتها في حالة استنفار قصوى، فساستها وأجهزتها الأمنية بل والعسكرية، تصدر البيانات المتتالية يوماً بيوم وساعة بساعة، وتجري الاتصالات مع كل الأطراف في مصر، الحكومة والمعارضة والجيش، وتقترح التوجيهات للشعب، كل ذلك بشكل فظ يخلو من أي لياقة أو أدب، فهي تقول يجب أن يحصل كذا وكذا الآن، الآن يعني الآن وليس غداً أو بعد شهور، هكذا بكل وقاحة، فالغرب يتردى دائماً في الانحطاط، فهو بين التجبر والتكبر والاستهزاء، والسخرية بالناس أحياناً، وبين الوقاحة وقلة الحياء وعدم الاحترام أحياناً أخرى، هكذا هو أبد الدهر منذ أن عرفناه؟!
رابعاً: يحدد الغرب لنا خياراتنا وأهدافنا دائماً، ضارباً عرض الحائط بديننا وحضارتنا وقيمنا وشريعتنا.
فهم في واشنطن ولندن وباريس وحتى برلين ومن يلحق بهم مثل يهود، يحذرون بل ويهددون من قيادة الإسلام وحكم الإسلام ودولة الإسلام، سواء أكان في تونس أم مصر أم غيرهما، مطالبين ببقاء مبدئهم ونظامهم مهيمناً على حياتنا، وأن تبقى الأحداث والتغييرات ضمن هذا الإطار، في ظل الديمقراطية والعلمانية، والمحافظة على شرعية الدول الاستعمارية، فيما يسمى بالشرعية الدولية، في مجلس الأمن، والأدوات الاستعمارية الأخرى، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واليونسكو وغيرها. والمحافظة على كيان يهود الغاصب لبيت المقدس... في قائمة طويلة لا تجعل أي معنى يذكر للتغيير الذي يزعمون أنهم يؤيدونه، ويرحبون به في بلادنا، اللهم إلا أن يكون هذا التغيير تجديداً لاستعمارهم لنا وسيطرتهم علينا بثوب جديد بعد أن بلي القديم، وما عاد يمكن إصلاحه، بوجوه جديدة ما عرفها الناس لا بالخير ولا بالشر، ليجدد الناس انتظارهم للوعود العريضة، التي طالما رسمت للجماهير، عشرات السنين، في مشارقنا ومغاربنا، في دورة لا تنتهي.
هذه هي العلامات البارزة في موقف دول الكفر والاستعمار، العدوة اللدودة للإسلام والمسلمين وبلادهم، وصدق الله القائل فيهم وفينا (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران] فما هو الواجب علينا نحن المسلمين في مثل هذه الأحوال والأحداث الجسام؟ هل هو الإعراض عنها، وتركها يصرفها الحكام والكفار، يتلاعبون بنا أبد الدهر؟ أم هو التحذير منها ودعوة الناس لتركها ولزوم الصمت والبيت، بدعوى التحذير من الفتن، حتى يبقى الملك الجبري مستقراً لا يتزعزع؟
أم هو وجوب المساهمة فيها، بالعمل للتغيير لإقامة دولة الخلافة، ودعوة الجميع وحشدهم للوصول الى هذه الغاية الشريفة؟
إن المدقق في هذه الخيارات الثلاثة، يصنفها كذلك في ثلاث فئات من الناس.
أما الخيار الأول فهو رأي بعض الناس ممن ألفوا الواقع والرضى به، ظانين أنه ليس بالإمكان التغيير، وأن كل ذلك بيد الله وحده، وأنه لا قدرة لهم ولا حول ولا قوة، أمام هذه القوى المتحكمة من الدول الكبرى والصغرى ووسائلها الكثيرة.
أما الخيار الثاني فواضح أنه رأي الكفار والحكام على السواء، ثم هو من بعد قول علماء السلاطين ومشايخ السوء وخطباء الفتنة، الذين أتقنوا النفاق للحكام، ورضوا بالعيش في ظل الملك الجبري والحكم بغير ما أنزل الله، حتى صاروا يزينون هذا الحال الفاسد ويزخرفونه في أعين المسلمين، راضين بالعيش على موائد الظلمة والفسقة، يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً وصدق الله تعالى فيهم (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(174)أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) [البقرة].
أما الخيار الثالث، فهو الحكم الشرعي في وجوب قول الحق، والعمل به والتغيير على الظالم ووجوب العمل لإقامة دولة الإسلام الخلافة وتطبيق الشريعة والجهاد في سبيل الله.
إنه وإن كان الخياران الأول والثاني يؤديان إلى نفس النتيجة، وهي الرضى بالواقع والفساد، لكن حال الفريقين مختلف، فالأول هم عامة الناس ممن لا دراية لهم بالشرع والفقه، وأحكامه ومسائله، حتى يفقهوا هذا الأمر، ويعلموا واجبهم الشرعي حياله، وهؤلاء لا شك أن أمرهم هين، فهم ما إن يعرفوا ويفقهوا حتى يلتزموا، ويكونوا من جنود الحق وعماله.
لكن الفريق الثاني مختلف تماماً، فهم يعرفون القضية ووجه الحق فيها، لكنهم مرتزقة الحكام، يأكلون بدينهم وفتاويهم وخطبهم، فهم من أركان النظام الفاسد ودعاته ودعائمه، ولا علاج لهم إلا بفضحهم، ومكافحتهم، مثل الحكام سواء بسواء حتى تنقلب الأوضاع ويذهبوا مع الحاكم ونظامه.
لقد أظهرت هذه الأحداث في مصر وتونس، أن السلطان في الأمة، وأن الحاكم الذي لا يعتمد في سلطانه على أمته، سرعان ما يزول، عندما تهب الأمه لرفضه، وإسقاطه، وسرعان ما تتخلى عنه كل القوى الخارجية، التي كانت تسنده في حكمه، وهذا ولا شك يؤكد حقيقة الدول الدائمة، أنها لا تقوم ولا يستقر حكمها حتى تستند إلى أمتها وشعبها؛ لأنها السند الطبيعي، وأنه لا يغنيها شيئاً إذا جد الجد أيُّ سند مهما بلغ، ولو كان هذا السند الخارجي هو أعتى القوى والدول في العالم، مثل أميركا ودول أوروبا.
وهذا يؤكد حقائق التغيير وسننها الثابتة، التي توجب على الأمة الإسلامية العمل لإقامة دولة الإسلام الخلافة، وأنها قادرة على ذلك، وان نصر الله حليفها.
أما الحقيقة الثانية التي ظهرت جلية في هذه الأحداث، فهو دور قوى الأمة المادية والعسكرية، المتمثلة في الجيش والقوات المسلحة بشكل عام، وكيف أنها كانت في كل مرة هي صاحبة القول الفصل، إذا جد الجد، وما يستلزم العمل لانحيازها لصالح الأمة، ونصرتها لدينها، حتى تصل الأمة إلى غايتها في استئناف الحياة الإسلامية، وإقامة الدولة الإسلامية الخلافة. وهذا يظهر محورية قضية النصرة، في الدعوة والتغيير ما يوجب تمسك المسلمين بها؛ لأنها الطريق الشرعي، طريق رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن العمل للإسلام لا يكتمل بدونها، ولا يقوم إلا بها، فهي النصف الآخر بعد الدعوة، تماماً كما كان مع رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، المهاجرون ثم الأنصار، وهذا يحدث في كل تغيير في الدنيا، ومثله ما جرى في تونس ومصر، فقد كان كلٌ الجيش المصري والتونسي رغم هزال الأخير، النصف الذي لا يستغنى عنه.
لقد صارت الأمة الإسلامية اليوم، قاب قوسين أو أدنى من التغيير الشامل وعودة الخلافة الراشدة، وهذه الثورات والانتفاضات تمهد الطريق لتلك الغاية السامية، وقد ولدت فيها هذه الأحداث الجسام، مشاعر مختلطة من الثقة والعزة والشجاعة... حتى تسير نحو غايتها بثبات وعزيمة إلى الرفعة والسناء والسؤدد والتمكين في الأرض.
قال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ(105)إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ) [الأنبياء].
برهان (أبو عامر)
متى الإسلام فـي الدنيـا يَسـودُ .... ويُشرِقُ بيننـا الفجـر الجديـدُ
متى نستأنـف الإسـلام حٌكمـاً .... سماويـاً تقـامُ بِـهِ الـحُـدودُ
ورايتنـا العُقـاب تعـود يومـاً .... مُرَفرِفَـةً تخـر لهـا البُـنـودُ