مقال يستحق القراءة
عندما قمت بحمل عبوة الغاز المليئة لتغيير تلك التي فرغت في المطبخ,
همست حماتي لزوجي زاجرة: قم احملها إنها ثقيلة جداً.
فما كان منه إلا أن رد هازئاً كعادته: لا تخافي يا أمي, هدى رجل ولا أجدعهم, حتى
أنها لا تضع كحلاً كالنساء, بعد قليل سترين شارباً ينبت لها.
عضت حماتي على شفتها في محاولة لإسكاته,
لكنه أضاف: انظري إليها هل هذا منظر امرأة؟
نظرتُ إليه,
ولم أرى رجلاً... لم أرى الا امرأتين تتحدثان إحداهما كانت حماتي.
* * * * * * * * * *
نعم يا زوجي العزيز...رجل أنا,
منذ أن سفحت رجولتك على الاستراحات والمقاهي تقضي فيها جل لياليك لتعود مع آذان الفجر,
وعندما أرقت ماء وجهي أمام كل من اعرف من الأقارب ليقوموا بالبحث عن عمل لك وبحمل ملفاتك وتقديمها ودعمها مرة تلو الأخرى ولم يتبق الا أن يداوموا بدلاً عنك,
ولما كلفك كل مدير من مدراء أعمالك بعد فترة وجيزة من استلامك لكل عمل بمهمة استثنائية جليلة ما هي الا زيادة عدد العاطلين عن العمل اثر تخلفك وتأخرك المتكرر,
فأنت لا تستيقظ صباحا كما هو كل موظف في العالم, ذلك أنك لا تستطيع التقصير في عملك الليلي,
وهذا ما لم يقدره السادة المدراء, لا افهم كيف لم يستطيعوا أن يدركوا أي خدمة تقوم فيها كل ليلة لهذا الوطن وأنت تحصي عدد استراحاته وقهاويه...ومن سيفعل ذلك إن لم تفعل أنت؟
رجل أنا في كل مرة أغادر المنزل طلبا لرزق عيالي واترك خلفي –كما هي العادة- زوجتي في المنزل نائمة, إذ أن تحصيل الرزق عادة على عاتق الرجال.
وعندما تتشدق أمام الناس مفاخرا, أنا مصروفي في الشهر يتجاوز الــ....., وتنسى أن تقول لهم من أين تحصل أصلا على مصروفك.
وعندما نقف أمام المحاسب اثر كل تسوق نقوم به,فتبتعد أنت تاركا الرجل يدفع كما هي العادة.
وعندما يتجه إلي الأولاد طالبين مصروفهم واحتياجاتهم لأنهم يعرفون تماما أن والدهم يقف مثلهم أمامي ليطلب حاجاته.
نعم يا زوجي العزيز ...رجل أنا يشهد علي قول الله (الرجال قوامون على النساء بما انفقوا) وبما انك تنتظر مطلع الشهر حتى تأخذ مصروفك للذهاب إلى هنا وهناك مني, دون أن يهتز لرجولتك شعرة في وجهك, وتترك لي تسديد الفواتير وشراء حاجيات المنزل, وقسط المدارس, وقسط سيارتك, وحتى ثمن ثوبك الذي ترتديه.
رجل أنا يا زوجي العزيز تشهد علي معارض الأدوات الكهربائية, وورشات إصلاحها, وصاحب المنزل الذي يدق بابنا فلا يجد رجلا غيري لتسليمه أجرة المنزل.
رجل أنا منذ أدركت أن البيت ينقصه رجل.
أقلت شارباً؟؟؟...انظر جيدا يا زوجي العزيز لقد نبت لي شارب بالفعل, وانقرضت مساحيق التجميل والعطور من دروجي, وما ذلك إلا لأن مرتبي لا يستطيع أن يغطي مصروفات تافهة مثل المشاغل والعطور والماكياج وهي لا تلزم عادة لرجل مثلي, حين تكون زوجتي –أنت- في حاجة إلى مصروف لعملك الاستثنائي الليلي الرائع الذي لا يقدره احد.
أتعرف يا زوجي؟ نعم لقد نبت لي شارب منذ اليوم الذي تلاشى فيه شاربك.
----------------
لبنى ياسين
كاتبة وصحفية سورية