سعاده أبو عراق / شاهين
القاص والروائي والباحث ،( والرسام والنحات ) سابقا ،الكاتب سعاده أبو عراق ، والدارس للفلسفة ، وتبدو الفلسفة في كل ما كتب ، تخلى المرة عنها ، وقام بتأليف كتاب طريف اسماه (مقهى المغتربين) ، تدور أحداثه في مسقط رأسه قرية سنجل ــ رام الله ، وكان محور حكاياته (ما أكذب من شب تغَرّب إلا ختيار ماتوا اجياله) ...!!!
وجعل محور حكاياته عن عباقرة بالكذب والخيال المجنح ، ولا أفلام هوليود ، والطريف أن الأستاذ سعادة المرة يكتب بالمحكية ، وقد أضحكتني فصول الكتاب جدا جدا ، فأحببت أن أشارك الآخرين بها ، على مبدأ أن الحكمة ضالة المؤمن ، أينما وجدها يأخذها ، وكنت أتمنى لو كتبها بلهجة سنجلاوية صرفة ، كما أفعل أنا ، ولكنه برر كتابتها بلهجة عمّانية ، ليفهمها أكبر عدد ممكن من الناس واللهجة العمّانية ، خليط من اللهجات ، يوجد مصوغ لمن ولدوا بعد النزوح التحدث بها ، ولكن لا يوجد للأستاذ سعادة المولود سنة 1946 أن يستعملها ، حفاظا على اللهجة وتوثيقها ، كما أفعل أنا ، وأنا أحدث سنا منه ، بل وأعتبره أستاذي
صالح صلاح شبانة
وللأزديا
مقهــــى المغتربين
بقلم : سعادة أبو عراق
شاهين
مثل عادتهم في قهوة الهشاتين ، وبعد ما يخلصوا لعب الشدة ، بيقعدوا برة ، يسهروا ، على ظو اللكس ، لأنه الكهربا ما كان حد بيحلم فيها ، ومثل عادتهم ببلشو في نكت وتعليق على بعض ، قالوا لشاهين شو عندك خراريف يا شاهين من البيرو إللي سافرت عليها ؟ قال لهم ، بدّي احكيلكم عن الحيَّة إللي شفتها هناك ، قالوا له ، شو حيَّة أكبر من حّيّة شايش أبو الشوارب إللي بلعت الحصان والزلمة ، قال لهم هذي حيّة رفيعة مثل خيط الكرار، قال واحد بحماس ، هذي حيّة جديدة ، وما زالها مثل خيط الكرار مِش راح تبلع حَدا ، قال كنّا رايحين مجموعة من العرب ، طالعين نبيع ونترزق ، وكانوا يسمونا هناك المورو ، قعدنا تحت هالشجرة نتريَّح ، حطينا بضاعتنا ، وفَرَدنا أكلاتنا وبدنا نوكل ، ما شفنا إلا هـ الخيط نازل من فوق ، حسَّبناه خيط شعشبون لأنه لونه سكني، ما اكترثنا ، لكن نزل على راس واحد اصلع ، شَلَح برنيطته قبل ما بده يوكل ، وما سمعناه إلا وهو يقول أي ، وسكت وما شفناه إلا إنجَعَى ورمى حاله ، فكرناه بدّة يتريح للأول ، وبعدين ما شفنا إلا الخيط إللي نازل على راس الأصلع ، بروح على فوق راس واحد ثاني ، كان هذا مش أصلع ، لكن ما شفنا إلا صاح ومسك ذانه وصار يتلوى من الوجع ، وبعدين ارتمى ع الأرض ، شكّيت انا وإللي ظايل بالموصوع ، شو هذا إللي متدلي ، قام إللي معاي بدّه يشوف شو هو ، خيط عنكبوت وإلا إيش ؟ قام لما مسكه ، لف على إيده وقرصه ، فصاح مثل الاثنين إللي قبله ، وّقع ع الأرض ، لا من ثمه ولا من كمه ، إجيت على أول واحد وإلا هو ميت ، والثاني ميت والثالث ميت ،ألله وكيلكم ثلاثتهم ماتوا ، قلت أكيد أنا كمان راح أموت ، لكن أنا عرفت السرّ ، لما شفتها بتتحرك عرفت إنها حيَّة ، ما إجيت على راسها ، رحت أدور وين ذنبها ، مشيت معها من فرع الشجرة المتدلية منه ، للفروع الثانية ، للشجرة إللي جنبها للصخرة للحشيش والزرع ، تابعتها ، ولو واحد غيري ما بقدر يميزها أبدا ، لأنها بدها عنين مثل عنيّا قويين ، مشيت قول أربعين متر وأكثر ، حتى وصلت ذنبتها ، مسكت ذنبتها فما لسعتني ، الآن كيف بدّي اسحبها ؟ لو سحبتها راح تنقطع ، وما بستفيد شي ، شو بدي أساوي ، إفطِنت للكرارات إللي ببيعهم ، رحت جِبت واحد ، وبتّيت الخيطان منه ، وحطّيت ذنبتها على الكرار وصرت ألفها عليه ، ألِف وامشي ، ألِف وأمشي بين الزرع وعلى الشجر ، حتى عبيت كرار كبير ، وما وصلت الراس حتى تعبا الكرار كلّه ، لكني ما لمست الراس ، لأني شِفْت إللي صار مع الثلاثه إللي قبلي ، طُلْت مصبعنيات الجلد ومسكت راسها وقطعته ، وشبكت طرفها في حفة الكرار .
تنفس الحاضرين ، بعد ما عرفوا إنه الحيّّة رفيعة ومش راح توكل حدا ، قالوا له وبعدين ، شو إعملت بعد ما لفيتها على كرار خيطان ؟ قال كأنه بيتفطن أو قفز عن الفكرة ، آآآآ...،أخذت بضاعتي وظليت ماشي في الطريق ، عشان ابيعها في بلد من الهنود الحمر ،أول ما وصلت فردت بضاعتي وإجا الرجال والنسوان يشوفوا شو معي ، يقلبوا ويشموا ويتذوقوا ، لا أنا فاهم لغتهم ولا هم فاهمين لغتي ، كل واحد بيوخذ إللي بده إياه وبحط إللي معاه ، واحد بحط شقفة ذهب ، واحد ثاني بحط كزازة ، واحد بحط صرارة ، واحد بحط ألمازة ، إنت ونصيبك ، وما بتقدر تقول لا .
واحد قال لي بعد ما شِافة بِتَأتِئ في الحكي كأنه بتفطن :المهم وبعدين قال ، ياحفيظ السلامة ، إجاني واحد ختيار شاف الكرار إللي ملفوفة عليه الحية ، قال لي بالإسبنيولي شو هذا ، قلت له ما بعرف ، قال لي ، هذه الحية المقدسة عندنا ، هذه غالية كثير ، لو معي مصاري كنت اشتريتها منك ، قلت له هات قد ما معك ، قال لي ، ما بصير ابخس ثمنها ، لازم أدفع فيها كثير ، وإحنا بنقدسها لأنه بيطلع لها راس جديد ، ولو قطعتها ميت قطعة بتصير ميت حية وبتظل حية ،وعشان هيك إحنا بنقدسها لأنها بترمز لتجدد الحياه ، قلت في نفسي ما دام هذي الحية مقدسة لازم آخذها لزوجتي ، على فكرة زوجتي كانت من الهنود الحمر ، عشان تعرف إنّي قديش بحبها . حطيت الحية في علبة التوباكو ، وروَّحتها معي على الدار ، وحطيت الكرار الملفوفة عليه الحية على الطاولة ، عشان لما تيجي من برّا ، تشوفها وتفرح فيها .
واحد قال له واصحابك المورو إللي ماتوا شوصار فيهم ، قام تذايق ونرفز وقال ، شوصار فيهم يعني؟ ، ماتوا وإلا بدك أحييلك إياهم ، واحد ثاني اعترض يا أخي خليه يكمل ، يعني لا زم تسأل عن البيضة ومين باضها ، كمّل ياخوي كمّل .
أخذ مجّة من سيجارته وقال ، ما إجت المَرَاه، لأنها تأخرت عند أمها ، المهم أنا اطلعت برا ، واطَّرّيت إني اروح ع البلد إللي جنبنا ، بدون ما تعرف إني إجيت أو سافرت .، لكنها إجت وراي ، وكانت جايبة معها قطعة قماش ، وبدّها تخيطها ، جابت الماكنه ، ودورت عندها على خيط كرار ما وجدت ، شافت قدامها الحية الملفوفة ع الكرار ، وفكرت إنها خيط لونه سكني ، حطته ع الماكنه ، وخيطت فيها فستانها .
اتحمس واحد للقصة وقال وبعدين ، قال له وليش مستعجل ؟ ورمى قُرق السيجارة من بين صبعيه وقال : لما إجيت في الليل وإلا هي لا بسه الفستان الجديد ، وبتفرجيني حالها ، قلت لها مبروك ، بس شفتي شو جبتلك ، قالت إيش ، قلت الكرار ، قالت : آآآ.. خيََطِت فيه الفستان ، اطلعت على درزة الخياطة لقيت الخيطان بتتحرك ، وصار طالع لها روس ، قمت قلت لها اشلحي بسرعة إشلحي بسرعة ، قامت فهمتها فهم ثاني ، وصارت تتدلل وتتغنج وتقول بعدين ... ، لكن ما شفتها إلا وهي بتصرخ وسقطت ع الأرض وماتت .
سكت وبين عليه إنه تأثر فقام واحد وقال له وبعدين ، قام نرفز مرة ثانية وقال خلص تركت البيرو وروحت ع البلاد . قام قال له عظم الله أجركم
"منتديات سنجل الباسلة" -
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الموقع الشخصي للكاتب والباحث صالح صلاح شبانة (الموقع الجديد تحت الأنشاء)