رمـضـان فرصة للتغيير
منقوووووول................
مفهوم التغيير
إن تغيير الإنسان ليتحول إلى (إنسان مستقيم وفعال) هوهدف عملية التغيير الإسلامي، والتي تتم من خلال عملية شاملة تربوياً ومجتمعياً وإعلامياً إلا أن التغير بمفهومه العام، هو التحول من حال إلى حال، إما بشكل جزئي أو كلي، سواء كان تحولا إيجابياً،أم سلبياً، سنة كونية قائمة، سواء على مستوى الفرد، أم المجتمع، أم الدولة، أم العالم والكون كله.
فالفرد يمر بمراحل التغير الخلقي، ويتبعه تغير في المعرفة والفهم والسلوك اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُالروم: ٥٤
والأسرة تمر كذلك بمراحل تغير وتحول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا النساء: ١
والأمم كذلك تتعرض لهذه السنة الكونية الثابتة: قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَآل عمران: ١٣٧
بل الكون كله خاضع لهذه السنة: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِإبراهيم: ٤٨
يقول ابن خلدون: ( إن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة، ومنهاج مستقر، إنما هو الاختلاف على الأيام والأزمنة وانتقال من حال إلى حال، وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأبصار، فكذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول، سنة الله التي قد خلت ) المقدمة/24.
فالتغيير في حد ذاته لا يتعلق به حسن أو قبح، باعتباره سنة كونية، لكن نوع التغيير هو الذي يتعلق به الحسن أو القبح.
غير أن القرآن الكريم يعرض معنى محدداً للتغيير في عدد من الآيات الكريمة، فقد ورد لفظ التغيير في قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌعَلِيمٌ الأنفال: ٥٣
وفي قوله سبحانه: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍالرعد: ١١
وبالتأمل في الآيتين السابقتين، يظهر أن لفظ التغيير فيهما ينصب على المعنى السلبي، فقوله سبحانه: ( لم يك مغيراً نعمة أنعمها ) يعني من الأحسن إلى الأسوأ، وقوله سبحانه: ( حتى يغيروا ما بأنفسهم ) يعني ما فيها من الخير إلى السوء، كما يذكره المفسرون، قال الشوكاني –رحمه الله-: ( عادة الله في عباده عدم تغيير نعمه التي ينعم بها عليهم، (حتى يغيروا ما بأنفسهم ) من الأحوال والأخلاق بكفران نعم الله وغمط إحسانه وإهمال أوامره ونواهيه)[1].
فكأن الفطرة والخير والاستقامة هي الأصل في السنة الشرعية، والتحول عنها هو التغيير، وبالتالي فلا تسمى العودة إليها بعد تركها والبعد عنها، فضلا عن التمسك بها تغييراً، لأنها أصل، كما أن النعمة ورغد العيش وغير ذلك من الفضل الإلهي هو الأصل كذلك في السنة الكونية، والتحول عنه إلى ضده تغيير، كما يفهم من ذلك أن التغيير لا يكون بالعودة إلى الأصل، وإنما بالتحول عنه، وهذا معنى مفيد في تتبع مسيرة التغيير في المجتمع ومآلاته القدرية المؤلمة..
عوائق التغيير
- التمسك بالعادات والتقاليد , يقول الله تعالى : }وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا ءَابَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ(23)قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ ءَابَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ(24){ (الزخرف : 23 – 24) .
- الجهل : من لا يعرف ما هي اهدافه ...
ما هو الطريق الذي ستسير فيه لا يمكن أن يسعى للتغيير ، فالإنسان يحتاج علم في التغيير يحتاج ثقافة في التغيير يحتاج إلى سير الأنبياء، ونحتاج إلى من يساندنا من يعيننا، فالإنسان يحرص أن يكون له مؤيدين ... فبالتخطيط يتم عملية التغيير بطرق أسرع ....
- الخوف على المصالح المادية أو المعنوية , والتوهم بأن التغيير سيكون سبباً في فقد بعض الامتيازات أو المكاسب .
- عدم المشاركة في إعداد وتنضيج المشروع التغييري , إذ إن المشاركة في إعداد التغيير حافز للتمسك به والدفاع عنه , والعكس صحيح .
- الخوف على المكاسب الخوف على العلاقات الخوف من المجهول الخوف من المعارضة ((( فمن لا يعارض لن يغير فمن يرغب في ارضاء الجميع لن يغير فبالتغيير سيحصل خسائر في العلاقات))) لأن التغيير قد ينطوي أحياناً على مخاطر حقيقية وواضحة , لا سيما تلك المخاطر التي تمس قيم الفرد ومبادئه ومعتقداته.
- عدم الاقتناع بالتغيير المراد إجراؤه أو ببعض جوانبه .
- عدم وجود مبررات وجيهة أو حجج كافية للتغيير المراد اتخاذه .
- عدم وضوح صورة التغيير أو الجهل بحقيقته وأهدافه وإجراءاته وجوانبه الأخرى.
- الإمعية والتقليد الأعمى للآخرين .
- التكاليف البشرية والمادية الباهظة للتغيير .
- الخوف من عدم القدرة على التكيف مع متطلبات هذا التغيير , فقد يحتاج التغيير إلى مهارات معينة أو خبرات محددة أو قدرات متميزة لا تتوفر عند بعض الأفراد .
- الارتياح مع الواقع الحالي والاقتناع به .
- التشبع واليأس والإحباط وربما الملل من كثرة التجارب التغييرية الفاشلة .
- العناد .
- سوء العلاقة مع المغير .
- تنافس الأقران
هل التغيير ملح؟
التغيير سنة إلهية، فلو كان الأمر لا يستدعي تغييرا ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- في عصر النبوة وعصر الخلفاء الراشدين هو الوضع المثالي الممتاز الذي يجب أن يبقى عليه الناس إلى قيام الساعة ، إذا ما الذي جعل الناس يتغيرون ؟ كان العدل موجودا والحقوق محفوظة والدين قائما والمصالح عزيزة، ومع ذلك حصل التغيير ، وحصل التغيير بسرعة أيضا يعني بين عهد أبو بكر وعمر إلى عهد علي رضي الله عنه، لما علي قالوا له : نبايعك على كتاب الله أو سنة رسول -صلى الله عليه وسلم- وعلى طريقة الشيخين ، قال : اما كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فنعم ، أما على طريقة الشيخين فإنه قد جد من الأمور ما لم يكن موجودا في عهدهم وعصرهم .
متى الإسلام فـي الدنيـا يَسـودُ .... ويُشرِقُ بيننـا الفجـر الجديـدُ
متى نستأنـف الإسـلام حٌكمـاً .... سماويـاً تقـامُ بِـهِ الـحُـدودُ
ورايتنـا العُقـاب تعـود يومـاً .... مُرَفرِفَـةً تخـر لهـا البُـنـودُ