رمح النار عناني نشيط
تاريخ التسجيل : 02/09/2009 عدد المساهمات : 41 الجنس : العمر : 46 الموقع : فلسطين العمل/الترفيه : طافش نقاط : 55624 أحترام قوانين المنتدى :
| موضوع: اليسار بين نمو الظروف الموضوعية للتغيير وبطء العوامل الذاتية 10/09/09, 01:04 pm | |
| لا شك أن كتاب السيد نايف حواتمة "اليسار العربي ـ رؤيا النهوض الكبير" الصادر قبل أسابيع قليلة عن "دار الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع" في دمشق و "دار بيسان للنشر والتوزيع" ـ بيروت، سيثير جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاجتماعية والإعلامية الفلسطينية والعربية بسبب طبيعة المواضيع التي يطرحها بجرأة عالية، وأيضاً بسبب ارتفاع الروح النقدية في تشريح وتوصيف الوضع العالمي وانعكاساته على الوضعين العربي والفلسطيني.
لقد جرت العادة منذ انتهاء الحرب الباردة أن تقتصر الكتابة في الأوساط اليسارية تحديداً على نقد التجربة السابقة واقتصار الاستخلاصات على تعميمية واضحة، بمعنى آخر لم تشكل الاستخلاصات برامج عمل لقوى اليسار بتلاوينها المختلفة سواء على المستوى العالمي أو الوطني إلا فيما ندر. إضافة إلى أن قوى يسارية عديدة عالمية أو إقليمية اتخذت مواقف عبارة عن ردات فعل لانهيار التجربة الاشتراكية، وهو ما يعيدنا إلى تجاربها السابقة في التحوّل، والذي كان دائماً يحدث نتيجة ردات الفعل وليس تعبيراً عن انحياز فكري إيديولوجي.
لقد عاش اليسار طوال الفترة السابقة، تحديداً منذ نهاية الحرب الباردة وحتى العهد الثاني لإدارة الرئيس بوش السابقة فترة مخاض حتى بدا يحقق بعض النجاحات ولا سيما في قارتي أميركا اللاتينية وإفريقيا. أما على المستوى العربي فلا زال في بداية طريق المخاض، من هنا تأتي أهمية كتاب حواتمة، إذ أنها المرة الأولى الذي يتحدث فيها شخص بمكانته بمثل هذه الجرأة والنقدية ليس عن أحوال النظام الرسمي أو اليمين المالي والديني فحسب، بل وأيضاً عن القوى اليسارية ذاتها محملاً إياها مسؤوليات تاريخية في نهوض المجتمعات ورفاهية الشعوب.
إن ما يعطي كتاب حواتمة أهمية استثنائية هو موقع الرجل الثقافي والفكري والسياسي كأحد أبرز قادة الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، إضافة إلى موقعه في حركة التحرر الوطني العربية، ناهيك عن موقعه على رأس حزب يساري ديمقراطي ثوري فاعل ومؤثر.
يشكل هذا الكتاب نتاج العقل الجماعي الخلاق للمركز القيادي للجبهة على المستوى العام والعقل الخاص المميز للسيد حواتمة، حيث يعتبر هذا الكتاب برنامج عمل نضالي ملموس للجبهة الديمقراطية، إذن أهميته تنتج من كونه مدخلاً لممارسة سياسية وليس كتاباً فكرياً جامداً.
قبل الدخول في عرض بعض الأفكار التي تناولها الفصل الأول من كتاب حواتمة (ص 13 ـ 74) يمكن تلمس أساسين اعتمدهما في منهج التحليل وبلا شك عن قصد، فالكتاب ليس عبارة عن دراسة أكاديمية بل هو مجموعة استخلاصات عامة مسنودة إلى دراسات واسعة ومعمقة للمركز القيادي للجبهة وبالأساس حواتمة، إضافة إلى استخلاصات أحزاب يسارية وكتاب ومفكرين
الكتاب إذاً هو مدخل لنقاش واسع وليس إقفالاً له أو تأكيداً لاستخلاصات بشكل نهائي، إنه دعوة لعمل مشترك مع كل قوى اليسار العربي من أجل إطلاق عملية النهوض الكبير لليسار بمنهج فلسفي تطرق إليه بأكثر من موقع في الكتاب يدعو إلى تقديم العقل على النقل، والتحليل بمنهج نقدي للأفكار وبرامج العمل، وعدم استنساخ التجارب السابقة إلا بما يحقق عملية النهوض
الأساس الثاني في منهج حواتمة وهو شديد الارتباط بل يمكن القول أنه نتاج للأساس الأول وهو الابتعاد عن الاحتكام للأيديولوجيا رغم احترامها باعتبارها تعبير مكثف عن مصالح الإيديولوجيا. هنا لم تشكل حاجزاً لا للتفكير ولا للتحليل ولا للاستخلاصات.
بات من غير الممكن الحديث بدقة عن "اليسار العربي" دون تناول تاريخه وتاريخ المجتمعات العربية تناولاً نقدياً، كما أن مصطلح اليسار هو تعميم فضفاض يحتاج إلى تحديد في البلد والمجتمع الواحد» (ص 16)، هكذا يحدد حواتمة أحد أبرز أزمات جزء حُسب على اليسار، وهو الذي تخلف عن فهم العلاقة الجدلية بين التناقضات الرئيسية والثانوية، فتخلف عن الربط الموضوعي بين الإستراتيجية والتكتيك، "إطلاقية الأهداف والإستراتيجية على العمل السياسي والجماهيري اليومي"، مما أدى به إلى تبني سياسات العدمية الانتظارية وبالمحصلة القدرية والشعبوية. إن تخلف هذه القوى عن النقد ونقد برامج العمل أدى بها خلال فترة زمنية قصيرة (منذ انتهاء الحرب الباردة) إلى الانحياز إلى قوى طبقية واجتماعية (قوى سياسية، مؤسسات مجتمع مدني أو مؤسسات إعلامية) مرتبطة بالنظام الاقتصادي العالمي المسيطر، أو انحيازها إلى الثقافة القدرية تحت راية "تديين السياسة وتسييس الدين".
إن اليسار أو القوى اليسارية الحقيقية الديمقراطية الثورية هي التي تمتلك شرطين لا بد منهما: الأول مشاركة بالنشاط العام وناظمه القانوني المتمثل بالنقد ونقد برامج العمل" (ص16)، والثاني هو ارتباطه "بمفهوم العدالة الاجتماعية" (ص17).
إن القوى اليسارية ذات الآفاق التغييرية المتسلحة بالعقل والنقد باعتبارهما وحدة اندماجية هي القادرة على إعادة بناء حركة شعبية تحررية تقدمية متنورة من خلال "برامج حلول ملموسة ونضالية لتجميع وتوحيد هذه القوى بائتلاف اجتماعي وسياسي يساري وليبرالي عريض، على طريق مراكمة القوى وصنع التحولات الديمقراطية الاجتماعية والتقدمية التي تستجيب لمصالح الطبقات الشعبية وتطوير الوطن والمجتمع نحو الحداثة والمعرفة، وحل الأزمات المزمنة التاريخية والراهنة". (ص21).
إن العلاقة بين قوى اليسار الفلسطيني القائمة حالياً (كما في معظم المراحل السابقة) على تقارب وانسجام سياسي فقط وفي ظل هجمة من حكومة نتنياهو قائمة على أساس تقديم "الحل الاقتصادي" وفي ظل أداء السلطتين الحاكمتين في كل من رام الله وغزة (الاحتفاظ بالسلطة)، واللتين تلتقيان (بمعزل عن النيات) على دعوة للفصل التدريجي بين الأهداف والهموم الوطنية والسياسية والهموم الاقتصادية والاجتماعية (طغيان قوى طبقية كمبرادورية بيروقراطية على المقدرات الاقتصادية في رام الله، وحمسنة المجتمع في غزة).
إن هذا الواقع يتطلب من القوى اليسارية وعلى أرضية العقل والنقد الانتقال من مواقع التقارب السياسي إلى مواقع التقارب الإيديولوجي والفكري والاقتصادي والاجتماعي. إن الجبهة الديمقراطية كأحد أبرز مكونات اليسار الفلسطيني، قدمت في الأسابيع القليلة الماضية رؤيتها الاقتصادية الاجتماعية المنسجمة مع رؤيتها الفكرية السياسية، والتي هي نتاج التحليل العميق لمصالح الشعب الفلسطيني، من خلال ورقتي عمل: الأولى قدمها قيس عبد الكريم أمين القيادة المركزية في الوطن، والثانية قدمتها وزيرة الشؤون الاجتماعية ماجدة المصري (راجع الحرية العددان 1245 - 1246).
إن هاتين الورقتين يمكن أن تشكلا مدخلاً لحوارات ونقاشات واسعة مع القوى اليسارية الأخرى على قاعدة التقارب وصولاً إلى الوحدة الاندماجية، باعتباره مدخلاً وشرطاً لا بد منه لنهوض الحالة اليسارية على الساحة الفلسطينية.
"ما نحتاج له هو مدخل نظرية ماركسية بخصوص المجتمعات العربية والخصوصيات الفلسطينية، التي استوعب وأنجز فيها اليسار الوطني الثوري الديمقراطي الفلسطيني الجديد، الكثير من الرؤيا والخطى الفكرية والبرنامجية والممارسات العملية الجديدة وغير المسبوقة، لم يصل لها ولم يطرقها، بل ولم يتعرف عليها ويعرفها اليسار التقليدي الفلسطيني والعربي في المشرق العربي، ولا التيار القومي التقليدي في بلدان المشرق العربي، جامعاً بين "سلاح الفكر وفكر السلاح"، "سلاح النقد ونقد السلاح"، "سلاح الإيديولوجيا وإيديولوجيا السلاح" (ص36)".
في بداية كتابه ومن خلال صفحتين فقط (13 ـ 15) حلل حواتمة الوضع الدولي؛ مؤكداً "انهيار النظريات الفاشية"، نظرية "نهاية التاريخ" للأميركي اليميني فرانسيس فوكوياما، نظرية "صراع الحضارات" للأميركي اليميني صموئيل هنتغتون، والتي بنيت على تفكك وانهيار "التجربة الاشتراكية السوفييتية، وضرورات البحث عن عدو جديد"، وادعت انتصار "الرأسمالية النيوليبرالية المعولمة التاريخية" رأسمالية "الأسواق تضبط نفسها"، "عدم تدخل الدولة بالشؤون الاقتصادية الاجتماعية" وعلى الوجه الآخر "حلول صراح الحضارات" بديلاً عن صراع البشرية التاريخية نحو العدالة الاجتماعية (ص13).
إن هذه الإنجازات التي تحققت في فترة قياسية من الزمن؛ لم تنجز فقط من خلال التحولات اليسارية الكبرى في قارات أميركا اللاتينية وإفريقيا، بل أساساً من خلال طبيعة النظام الرأسمالي الذي وصل إلى مرحلة تضعه أمام خيارين: إما التقدم بسياسة العولمة المتوحشة وتحمل الضغوط الجماهيرية والشعبية على المستويات الوطنية أو العالمية، وهو ما حدى بوزيرة الخارجية الأميركية السابقة السيدة مادلين أولبرايت في رسالة النصائح التي وجهتها إلى الرئيس أوباما عند انتخابه، وأكدت فيها على خمسة مخاطر تواجه الولايات المتحدة من بينها "تزايد الهوة بين الأغنياء والفقراء"، واليوم تشير آخر إحصائيات اقتصادية إلى أن 91% من سكان المعمورة متضررون بشكل مباشر من سياسة العولمة المتوحشة، إن هذا القرار فيما لو اتخذته الكارتيلات الاقتصادية ونظمها السياسة سيضع العالم أمام شفير الحروب والحروب الأهلية والكوارث الاجتماعية.
أما الخيار الثاني فهو العودة إلى الوراء، إلى ترشيد الأرباح والعمل على حل معضلة التناقض بين الاقتصاد الواقعي والاقتصاد الوهمي الذي يفوقه بعشرات الأضعاف
"الأزمة في الرأسمالية دفعت بلدان أنظمة المركز الرأسمالي، بلدان "المليار الذهبي" إلى العمل على وقف "الانهيار الشامل لاقتصاد السوق الحر" بالتدخل الواسع للدولة في الاقتصاد "بالتأميم" لغة أوروبا و "الاستحواذ" و"الشراء" باللغة الأميركية وهو ذاته "التأميم وتملك الدولة"، "الرقابة والمسائلة والمحاسبة" من جانب الدولة على المفاصل الاقتصادية من بنوك وشركات كبرى وحتى إلى "أشكال من الحمائية"، وكل هذه العمليات مستمدة من التجارب الاشتراكية السابقة والراهنة (ص14).
في بداية الرأسمالية استخلص ماركس نظرية "متوسط الربح" وعلى أساسها أطلق شعاره الشهير "يا عمال العالم اتحدوا"، أما مع بداية القرن العشرين وتحول الرأسمالية إلى احتكارية "إمبريالية" وبداية النهب الاقتصادي من خلال استعمار مباشر لدول الشرق، طوّر لينين شعار ماركس إلى "يا عمال العالم وشعوبه المضطهدة اتحدوا". أما اليوم مع دخول العولمة حالة متقدمة من الإمبريالية واستخدامها مرحلة الربح المتوحش غير القانوني، ووصول أكثر من 91% من سكان الأرض إلى مرحلة الضرر المباشر من العولمة يأتي شعار "يا عمال العالم وشعوبه المضطهدة والمتضررين من العولمة النيوليبرالية اتحدوا".
"العدالة الاجتماعية طريق الخلاص، طريق الديمقراطية التعددية الحقة في كل مجتمع وفي العلاقات الديمقراطية بين الشعوب ودول العالم، شعوبنا البشرية تنادي اليسار الوطني ـ الإقليمي ـ العالمي، فاليسار زهور وورود تطور التاريخ إلى أمام، إلى الخير والسلام، حقوق الإنسان ورفاه الشعوب ... العلاقات الديمقراطية في صف كل شعب وبين الأمم، قضايا وحلول التحرر الوطني والديمقراطية والعدالة الاجتماعية هي المستقبل، والمستقبل ما زال وسيبقى أمام البشرية، أمامنا لا خلفنا
| |
|
وسيم ربيع عناني أمير
تاريخ التسجيل : 20/04/2009 عدد المساهمات : 1187 الجنس : العمر : 39 الموقع : فلسطين-القدس العمل/الترفيه : معلم المزاج : لله الحمد نقاط : 58349 وسام العضو المميز على لوحة الشرف
| موضوع: رد: اليسار بين نمو الظروف الموضوعية للتغيير وبطء العوامل الذاتية 10/09/09, 03:08 pm | |
| مشكور على الموضوع القيم والمهم ولكن اليسار العربي والفلسطيني قد عفى عليه الزمن وارى انه في مرحلة الموت السريري اتمنى ان يولد من رحم هذه الحركات اليسارية اشخاص يوقنون معنى الفكرة ويعملون على الرقي باليسار الفلسطيني تحية فلسطينية حمراء ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التوقيــــــــــــــــــــــــــع | |
|