أن السعادة لغة
اللغة التي تتحدثها تبين عن مدى سعادتك، وأكثر من ذلك فاللغة التي تتحدثها تصنع سعادتك أو تصنع نقيضها
بينما كنت أُفكِّر في هذا سمعت القارئ يتلو قوله تعالى:
(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (البلد:8-10).
العين تنظر، والأذن تسمع، واللسان هو المُعبِّر، وبناءً عليه يكون النجد الذي تختاره خيراً أو شراً.
أفعال الآخرين هي في مرمى بصرك أو سمعك، وليست هي مصدر سعادتك أو شقائك، بل رد فعلك واستجابتك
التي يعبر عنها لسانك؛ هي سر الحالة النفسية التي تعيشها.
لم أر في حياتي إنساناً ناجحاً يجتر الكلمات السلبية ويتوقع الإخفاق.
ولم أر فاشلاً يمتلك لغة جميلة ويتوقع الخير.
لا يعتريني شك أن لو غيَّر المتشائم لغته، وأصرَّ على كلمات إيجابية، ولو على سبيل التكلُّف
والتصنُّع، فسوف يجد -لا محالة- فرقاً كبيراً في مزاجه ونفسيته، وفي حياته ونجاحاته.
ستكون روحه أكثر سمواً، وعقله أشد إشراقاً؛ سيمتلك قابلية للنجاح، وتعاملاً رياضياً مع الإخفاق، وثقة بالنفس،
وأريحية في التعامل مع الآخرين.
لن يتم هذا بين يوم وليلة، ولكنه ممكن ومقدور عليه، ولم يخلق الله خلقاً إلا وهو قابل للتعاطي مع السعادة، ومع الخير، ومع النجاح
وهو حين يحصل على هذا لا يأخذ نصيب غيره، بل يأخذ حظّه من كرم الجواد الوهاب.
بعيداً عن الجدل العقيم؛ قل خيراً، وتفاءل بالخير، وتوقّع الخير، ولا تسترسل وراء أوهام الفشل والخوف.
قبل ان تذهب إلى عيادة نفسية كلما قال لك صديق أحسَّ بأنك متضايق ردد: أنا سعيد ومسرور؛ لتصبح سعيداً
ومسروراً فعلاً متى غدت هذه عادتك.
لا تحاصر نفسك بالأحكام السلبية: أنا فاشل، غبي، ضعيف الإرادة، مكروه، الأبواب مغلقة في وجهي، أعيش بلا هدف.
لا تتمن الموت، فلست تدري ما بعد الموت، ولعل عاصياً أن يتوب، أو مسيئاً أن يستعتب، و«لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلاَّ خَيْرًا»
.
عوِّد لسانك على القول الكريم الطيب السديد المعروف الميسور.. وهذي بعض أوصاف القول في كتاب الله.
وعوِّد من حولك ألا يسمعوا منك إلا كلمات الأمل، والتفاؤل، والرضا، والحب.
أول تحدٍ في تغيير لغتك مع الأقربين؛ الذين اعتادوا طريقة لن يصدقوا أنك
غيَّرتها بسهولة، ستندهش زوجتك لكلمة حلوة،
وسيضحك أحد صغارك، ويفغر الآخر فاه متسائلاً، وستكون في وضع لا تُحسد عليه.
إنها البداية فلا تقلق، ومن ورائها فرحة طويلة لك، ولها، ولهم، ولآخرين من دونهم لا تعلمهم الله يعلمهم
اعتقد في باطنك أنك مؤهل للسعادة والنجاح، وتملك الطاقة والقدرة والإبداع.
في دعواتك وتضرعك وابتهالك تذكَّر دائماً أنك تعزز قدراتك، وتربي نفسك على
الثقة بالمستقبل، وقوة العزيمة، وحسن الظن بالله،
وتُلهب خيالك لتصور الشيء الذي تتمناه، وتسهيل الوصول إليه.
حتى مع حدوث تلك الانتكاسة لا تيأس، ولا تردد مفرداتك السابقة: أنا أنا.. قل: سأعيد المحاولة، وسأنتصر
نعم؛ سأنتصر لأني على الحق، لأني استمد إيماني بالصبر من إيماني بالله الذي لا يخيب آمله، ولا يرد سائله
مما راق لي مقال للدكتور سلمان بن فهد العوده