وكالات: وصل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، خالد مشعل، على رأس وفد من قادة الحركة في الخارج، بعد ظهر الجمعة، إلى غزة، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 45 عاما، عبر معبر رفح البري مع مصر، وسط استقبال رسمي وشعبي حافل.
واصطف عدد كبير من قادة حماس وحكومتها في مقدمتهم رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، إلى جانب العديد من قادة الفصائل والشخصيات الوطنية من ضمنهم قادة من حركة فتح، لاستقبال مشعل ونائبه موسى أبو مرزوق، وأعضاء المكتب السياسي لحماس، عزت الرشق ومحمد نصر وصالح العاروري، داخل الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
وجرى استقبال رسمي وبروتوكولي سريع لمشعل في المعبر، فيما تجمع آلاف الفلسطينيين خارج المعبر مرددين هتافات ترحيب بزعيم حماس الذي يزور غزة لأول مرة منذ العام 1967.
وعقب معانقته عددا من الشخصيات التي كانت في استقباله سجد مشعل على أرض المعبر هو والوفد المرافق له ، قبل أن يستأنف مصافحة الشخصيات التي كانت في استقباله.
وانتشر آلاف الفلسطينيين على امتداد طريق صلاح الدين من رفح إلى غزة، إلى جانب انتشار لافت وكبير لعناصر كتائب القسام على امتداد الطريق، لاستقباله والترحيب بالزيارة وهم يلوحون بالأعلام والرايات ويرفعون صور مشعل وقادة حماس.
وقال مصدر قيادي في حماس، إن مشعل والوفد المرافق له "سيستهلون زيارتهم بزيارة إلى منزل الشيخ أحمد ياسين (مؤسس حماس الذي اغتالته إسرائيل عام 2004) في رسالة وفاء للقائد المؤسس" لافتاً إلى أن مشعل سيزور أيضاً منزل نائب القائد العام لكتائب القسام أحمد الجعبري، وكذلك منزل مرافقه محمد الهمص الذي سبق أن عمل مرافقاً مع مشعل لسنوات، بالإضافة إلى زيارة عائلة الدلو، التي فقدت 12 شخصاً بعد استهداف منزلها في غارة إسرائيلية في المواجهة الأخيرة.
ومن المقرر أن يلقي مشعل الكلمة الرئيسية في مهرجان إحياء الانطلاقة 25 لحماس الذي حمل اسم "حجارة السجيل طريق التحرير" غدا السبت وسط توقعات بأن يحدد من خلال كلمته ملامح المرحلة المقبلة لبرنامج حماس السياسي إلى جانب الرؤية بالنسبة لملف المصالحة الفلسطينية .
يذكر أن زوجة مشعل أمل البوريني وصلت مساء أمس الخميس إلى قطاع غزة برفقة 14 فرداً من العائلة لحضور حفل الانطلاقة.
وتُعد هذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها مشعل والرشق إلى قطاع غزة، فيما تُعد الثانية لنائبه موسى أبو مرزوق منذ مغادرته مسقط رأسه رفح في بداية السبعينيات، حيث تمكن من زيارة والدته في مدينة رفح جنوب القطاع بتاريخ 28 شباط 2009، في زيارة استمرت ثلاث ساعات فقط وأحيطت بسرية تامة.
وتعتبر الثانية للقيادي وعضو المكتب السياسي لحماس صالح العاروري الذي زار غزة منذ نحو شهر ونصف الشهر، ومكث فيها أياماً قبل أن يغادرها إلى جانب ممثلي الحركة في لبنان واليمن وغيرها من الدول.
وقد وطأت قدما مشعل الارض الفلسطينية في "مهرجان الانتصار" في قطاع غزة في استعراض للثقة الوليدة بعد الحرب مع إسرائيل الشهر الماضي.
وخرج الزعيم السياسي لحماس أكثر جرأة من الحرب التي استمرت ثمانية أيام والتي انتهت بوقف لإطلاق النار تفاوض عليه برعاية مصرية. ولم يزر مشعل الأراضي الفلسطينية منذ أن غادر الضفة الغربية وعمره 11 عاما.
وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس إن زيارة مشعل لغزة هي ثمرة للنصر الذي حققته المقاومة على الاحتلال.
وكان أبو زهري يتحدث قبل ساعات من موعد وصول مشعل إلى قطاع غزة عبر الحدود المصرية.
وجرى نشر مئات من الشرطة وقوات الأمن عند معبر رفح بعضهم كانوا يضعون على وجوههم أقنعة سوداء ويستقلون شاحنات عليها مدافع رشاشة.
وترفض إسرائيل التي أقدمت من قبل على محاولة فاشلة لاغتيال مشعل تأكيد حماس أنها انتصرت في الحرب التي أسفرت من مقتل نحو 170 فلسطينيا وستة إسرائيليين. ولم تبرز الصحف الاسرائيلية زيارة مشعل للقطاع.
وسيقضي مشعل أقل من 48 ساعة في القطاع الساحلي الصغير الذي تدير حماس شؤونه منذ عام 2007 إثر حرب أهلية ضد حركة فتح المنافسة التي تدير الضفة الغربية المجاورة.
وغادر مشعل (56 عاما) الضفة الغربية مع عائلته بعد حرب عام 1967 التي احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. ولم يطأ مشعل قط أرض قطاع غزة الذي يعيش فيه 1.7 مليون فلسطيني.
وتعتزم حماس تنظيم مهرجان مفتوح غدا السبت للاحتفال بانتصارها في الحرب مع إسرائيل الشهر الماضي وكذلك بمناسبة ذكرى مرور 25 عاما على تأسيس الحركة.
وتقول إسرائيل إن هجماتها الجوية لم تؤد فقط إلى قتل أحمد الجعبري القائد العسكري لحماس وإنما استنزفت أيضا مخزون الأسلحة لدى الحركة.
ولكن من الواضح أن الحرب عززت مكانة حماس في المنطقة بحصولها على تأييد دول عربية مجاورة بينما أدت إلى تهميش حركة فتح. وزاد دور مشعل في التفاوض على الهدنة مكانته الشخصية داخل حماس رغم أنه يقول إنه يعتزم التنحي عن زعامة الحركة قريبا.
ودفعت انتفاضات الربيع العربي في العامين الماضيين بأصدقاء لحماس للسلطة في أنحاء متفرقة في المنطقة وفي مقدمتهم الرئيس المصري الجديد محمد مرسي التي تعد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها وكانت محظورة لفترة طويلة الزعامة الروحية لحركة حماس.
ولا يعقد مهرجان السبت في ذات اليوم الذي تأسست فيه الحركة وإنما في يوم الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لإنطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد إسرائيل.
وينظر إلى ذلك المهرجان باعتباره انفتاحا على الفصائل الأخرى وتلميحا لاستعداد جديد للسعي للمصالحة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تدير حكومته شؤون الضفة الغربية.
وقال مشعل في مقابلة مع رويترز في قطر يوم الجمعة الماضي إن هناك اجواء تسمح بإنجاز المصالحة. ويعيش مشعل في قطر منذ أن غادر سوريا في وقت سابق هذا العام.
وقال زعماء لحماس في السنوات القليلة الماضية إن الحركة يمكنها أن تتعايش سلميا إلى جانب إسرائيل إذا حصلت على دولة على كل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 رغم أن الميثاق التأسيسي للحركة في عام 1988 يدعو إلى القضاء على إسرائيل واستعادة أرض فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني بالكامل.
وأشار زعماء مختلفون من حماس أحيانا إلى استعداد للتفاوض على هدنة مع إسرائيل قد تستمر لعقود. لكن حماس لا تزال تقول إنها لن تعترف رسميا بالدولة اليهودية بينما تنظر إسرائيل ومعظم الدول الغربية إلى حماس باعتبارها جماعة إرهابية.
وزين عمال قطاع غزة بعلم حماس الأخضر قبل وصول مشعل قادما من مصر. وأقيمت منصة ضخمة في مدينة غزة يكملها نموذج ضخم للصاروخ إم 75 الذي أطلق على كل من تل أبيب والقدس في الحرب التي اندلعت الشهر الماضي.
وأول شيء سيراه مشعل عندما يدخل غزة هو حطام السيارة التي كان يستقلها أحمد الجعبري القائد العسكري لحماس في الرابع عشر من نوفمبر عندما أصابها صاروخ. ووضع عمال من حماس بعناية الحطام المعدني للسيارة إحياء لذكرى مقتله.
وأدار مشعل حركة حماس من دمشق من عام 2004 إلى يناير كانون الثاني الماضي عندما غادر العاصمة السورية بسبب المعارك الدائرة بين قوات الرئيس بشار الأسد ومعارضيه. وهو يتنقل الآن بين الدوحة والقاهرة.
وأضعف رحيله المفاجئ من دمشق مكانته داخل حماس ومنحته العلاقات مع دمشق وطهران أهمية ولكن بعد أن انهارت تلك الصلات بدأ منافسوه المقيمون في غزة تأكيد سلطتهم.
ولكن الزعيم المقيم في المنفى استعاد المبادرة في الحرب التي اندلعت في نوفمبر تشرين الثاني الماضي بالتعاون الوثيق مع مصر لتأمين الهدنة.
وبالرغم لكن أبناء غزة يساورهم شك في أنه سيترك منصبه. ولم يوضح مشعل ما إذا كانت زيارته لغزة ستنهي اختيار سري يجرى لاختيار قيادة للحركة على مدى ستة شهور.
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة