مات محمود درويش جسدا، ولكن هل سيموت شعره؟ .
أكتشفت مؤخرا ان الشاعر، أكثر حضورا بعد رحيله، من الكاتب والروائي والفنان والمغني وحتى الفنان التشكيلي.
فالروائي لانتذكره الا عندما نمسك رواياته . والمغني لانتذكره الا اذا سمعنا صوته . وقد يتم نسيانه بتجاوز عصره الغنائي . والفنان التشكيلي الا أذا مررنا بمتحف وشاهدنا لوحة له . أما الشاعر فيعيش بيننا ابدا . نستشهد بأبيات شعره في المواقف المناسبة . اذا كان الشاعر حكيما راحت ابيات شعره تضرب بها الامثال. ولعل المتنبي الخالد من النماذج الحية لشاعر عربي فذ، يعيش معنا في كل مفردات الحياة اليومية . يكفي اننا نتذكر بيت شعر للمتنبي يعيش معنا، كلما أمسكنا بكتاب ما، أو شعرنا بأن مكانة الكتاب قد تدنت، أمام هجمة السينما والانترنت والتلفزيون وغيرها من أدوات الحضارة، فنترحم على المتنبي ونردد قوله :
" أعز مكان في الدنا سرج سابح وخيرجليس في الزمان كتاب"
كثيرة هي الحكم عند المتنبي ومن رديفه أبي تمام . التي نستخدمها بأستمرار تذكرنا بهما دائما.
فمحمود درويش شاعر المقاومة وشاعر الرفض والهوان . رحل عنا جسدا طاهرا كريما. ولكنه ترك لنا شعر مقاومة سيكون درسا لكل الاجيال القادمة . سنستشهد بأبياته الشعرية في كل مناسبة . وستحفظ الاجيال القادمة من أطفال الحجارة شعره، لتتحول الى أناشيد تغنى في المدارس والتجمعات الوطنية . تذكر من قد ينسى او يتناسى ان صوتا فلسطينيا صادقا كل الصدق، يحثنا ويحث الاجيال القادمة جيلا بعد جيل، على ان الثورة الفلسطينية مستمرة . بدليل اننا نردد اشعاره كل يوم .. اشعارمختلطة بلهاث محمود درويش .. تذكرنا بقسمات وجهه المشرق الجميل . بخصلات شعر رأسه البيضاء . كما لوانها ومضات سناء في حلكة ليالينا العربية.
وداعا لجسدك المتعب .. فألف طعنة خنجر وخنجرتخترقه .. طعنات التخاذل العربي . والتمزق الفلسطيني .. كثيرة هي الطعنات الموجهة لجسدك يا أعز المخلصين للقضية .
فلسطين ودعت قوافل شهداء لاحصر لعددهم , منذ نكبة عام 1948 . ولكن الام الفلسطينية ما تلبث ان تلد كل يوم ألف مناضل ومناضل . منذ صغرهم يتربون على العمل الفدائي . إبتداءا من سلاح الحجارة فــ الاكلاشينكوف . آلا ان حقا هل هناك من أم سيكون بمقدورها ان تلد رديفا لمحمود درويش؟ . لايجود الزمان الا بالقلائل من الاصوات الصادقة . وصوت درويش أصدق الاصوات الفلسطينية . لهيب من نار وحمم تقذف العدو المحتل . وهو نفسه زنابق حقل تتناثر على رؤوس أطفال الحجارة .
من سيوقظ النيام في خيام التشرد بعدك يادرويش ؟ .
من سيسلخ ظهور مصاصي الدم الفلسطيني من بعدك يادرويش؟ .
من سيعري المتخاذلين والمتهاونين بحقوق شعبنا الفلسطيني من بعدك يادرويش؟
أقسم انك يادرويش بيننا ستظل تعيش .
عزاؤنا ان أشعارك سيتغنى بها الطفل الفلسطيني , وهو يقذف العدو الصهيوني بالحجارة.
كلما قرأنا شطر بيت من اشعارك , سنتذكر أن آخر الاصوات الفلسطينية الصادقة قد سكت والى الابد .
عزاؤنا ان مارسيل خليفة سيظل يردد أشعارك على نغمات ضربات عوده .
الكل يموت في فلسطين ويظفر بالشهادة . الا انت فينا حي بأشعارك .
فأنمت شهيد مؤجل موتك الى يوم القيامة .
توقد مع الكادحين في اصقاع الدنيا شموع القدس وبيت لحم .
فأنت المتنبي صوت العروبة .
وانت غيفارا صوت الحرية والنضال العالمي .
أنت من انت ؟ .. انت فلسطيني ويكفي ان تكون فلسطينيا .