”لا يمكن للإنسان أن يكتب كل شي، فعذاب الكلمة أقسى من أن يتحمله إنسان بمفرده“ عبد الرحمن منيف
ما هي المقاومة السلمية؟ المقاومة السلمية هي احدى طرق المقاومة التي تنبذ استخدام العنف في فعاليتها، وتقتصر على الاعتصامات والاحتجاجات بداية، وتنتهي بالاضرابات والعصيان المدني، وعند ذكر المقاومة، لا بد ان نذكر شيوخ هذه المدرسة من المهاتما غاندي ومارتن لوثر كينج كمنظرين لهذه المدرسة.
المقاومة السلمية في فلسطين
المقاومة السلمية في فلسطين ليست وليدة اليوم أو حديثة كما يعتقد البعض، فالمقاومة السلمية موجودة في فلسطين منذ بداية مصيبتها المتمثلة في الانتداب البريطاني، فقد استخدم الفلسطينيون في حينها أساليب المقاومة السلمية، كالاضراب الكبير عام 1936 الذي استمر لمدة 6 أشهر، والكثير الكثير من الحالات المشابهة والاحتجاجات والاعتصامات التي قام بها الفلسطنيون في حينها.
اذن، ما الجديد؟ الجديد في المقاومة السلمية الان ان المصطلح اخذ صدىً كبيراً بعد تجربة بلعين ونعلين والنبي صالح، ومن ثم تولدت أطروحات جديدة اعطت للمصطلح حجماً اكبر من حجمه. حتى طرُحت المقاومة السلمية كخيار بديل للفلسطينين بدلاً عن المقاومة بكافة اشكالها ( شعبية, مسلحة, سلمية, عسكرية …الخ ). واختلفت الية طرح المقاومة السلمية، فتم تهميش نعلين وبلعين والنبي صالح بعد ان كن منارات للمقاومة السلمية، وتوجهنا للاحتفالات والمهرجانات والاعتصامات والاحتجاجات داخل المدن على انها المقاومة السلمية، فترى مسيرة استنكار ومن ثم مسيرة رفض ومن ثم مسيرة رد وكل هذا على دوار المنارة في رام الله ودوار الشهداء في نابلس، حتى أصبح وسط المدينة -المكان الاكثر امناً- مكاناً للمقاومة.
ماذا ينتظر الشهيد؟!
10 كانون الأول (ديسمبر) 2011 في هذا التاريخ استشهد الشاب مصطفى التميمي في النبي صالح متأثراً بجراحه، بعد ان أصيب بقنبلة مسيل دموع برأسه بشكل مباشر في احدى فعاليات المقاومة السلمية في النبي صالح, بعد اعلان خبر استشهاد مصطفى بلحظات اعلنت مجموعات شبابية عن وقفة على دوار المنارة في رام الله من اجل الشهيد مصطفى, في الوقفة تم رفع صور مصطفى وحمل شموع والتوشح بمظاهر الحزن ربما لمدة 20 دقيقة, حيث تعد هذه الوقفة صورة من صور المقاومة السلمية.
السؤال الذي يطرح نفسه الان: هل هذا ما كان ينتظره الشاب مصطفى التميمي؟! لا أتوقع ان من استشهد من اجل رفض مصادرة الاراضي، كان ينتظر صوراً له على دوار المنارة وشموعاً تحمل من اجله، اتوقع انه ما زال ينتظرنا الان في النبي صالح ثائرين لروحه هناك وليس على دوار المنارة.
عن أبر المورفين
سياسة أبر المورفين هي طريقة من الطرق التي يتم الوصول بها الى الفلسطيني البديل, إن المستهدف بها الشباب والمراهقين من عمر 14 – 20 سنة حيث يتم اقناع الشباب والفتية انهم يقدمون للوطن أكثر مما يقدم غيرهم، وانهم أبطال لهذا الوطن من خلال مشارتكهم في فعاليات المقاومة السلمية الكاذبة، حيث ترى الشاب منهم يعامل نفسه على صفحته على الفيسبوك على انه قائد او بطل قومي من خلال مشاركته في مثل هذه الفعاليات, يشعر بالراحة النفسية تجاه القضية الوطنية ويظن نفسه قدم لها ما لم يقدمه غيره، تراه يتعامل مع الناس بفوقية, ولربما ينتظر منهم ان يخاطبوه باسم القائد او المناضل وهذه هي أبر المورفين, فالمريض يحقن بأبر المورفين لكي لا يشعر بألم العملية الجراحية او ما شابه، وفي هذا السياق يحقن الشاب بأبرة مورفين لكي لا يشعر بتأنيب الضمير او المسؤولية تجاه القضية الوطنية والتي هي تحرير فلسطين.
ولكي يكون واضحا مفعول أبر المورفين أذكر قصة حدثت معي: لقد شاركت مرة في فعالية كبيرة تحت اسم المقاومة السلمية، وبطبيعة الحال تكون يوم جمعة نظراً لالتزام جميع افراد هذه المقاومة في اعمالهم ودراستهم فهي منظمة من ناحية الوقت كثيراً!! وفي هذه الفعالية كنت أنا وصديق جمعتني به المقاومة السلمية وقتها جائني اتصال من بلدية ديرستيا يتكلمون فيه عن فعالية في الجمعة التالية، طالبين مني ان أقوم باعلام المقاومين الذين معي عنها، فقمت بالاعلان عن ذلك للجميع وسألت صديقي ما رأيك في الذهاب الجمعة القادمة؟ فقال لي بما معناه: ”الفعالية هاي بتخليك تقعد مرتاح لشهر وتحس انك قدمت اشي كبير ،بتوقع اني بحاجة اجازة لمدة شهر مشان ارجع لهاي الفعاليات“.
عن السلطة والمقاومة السلمية
السلطة الفلسطينية تتبنى نموذج المقاومة السلمية كبديل، وهذا ربما ما يفرضه عليها دايتون والمجتمع الدولي, حيث دعا ابو مازن وسلام فياض للمقاومة السلمية مراراً وتكراراً.
فالمقاومة السلمية عندما تصبح بديلاً يكون ذلك في مصلحة الكيان الصهيوني، فما الذي يخيف هذا الكيان في حال تجمع 10000 فلسطيني على دوار المنارة من أجل الأسرى ما لم يتجوهوا لنقطة تماس معه.
لكن الذي يزعجه ان يتجمع 200 فلسطيني رفضاً لزيارة موفاز الى رام الله، ولذلك قامت اجهزة امن السلطة بضربهم وقمعهم على مدى يومين متتاليين. اذن نموذج المقاومة السلمية بديلاً عن المقاومة بكل اشكالها هو احدى اولويات السلطة التي دعت لذلك في العلن
في النهاية طرح المقاومة السلمية كبديل لكافة اشكال المقاومة هو طرح استعماري، يزرع فينا عن طريق مؤسسات ”الانجي اوز“ ومشاريع السلطة ومؤسسات فلسطينية تنطلق باسم ”“الحرية“.
المقاومة السلمية مرحب بها دائماً في فلسطين لكن ليست كبديل، وهناك ملايين الحكايات التي التحمت فيها المقاومة السلمية والمقاومة المسلحة لتشكل اسطورة فلسطينية لا تنسى. بيت ساحور في الانتفاضة الاولى كانت رائدة المقاومة السلمية بجانب المقاومة المسلحة، وكذلك مخيم جنين في هذه الانتفاضة التي ما زالت مستمرة حتى اليوم حيث معركة مخيم جنين لم تكون معركة مسلحة فقط, بل اشترك الاهالي ايضاً فيها عن طريق دعم صمود المقاومين والكثير الكثير في هذا الوطن الجريح، ستجد ان لا مقاومة مسلحة الا وهناك مقاومة سلمية، لكن اخشى من اليوم الذي ارى فيه نبذاً للفلسطيني المسلح وترحيب للمقاوم الذي يحمل يافطة “ كرتونة “ تحمل شعاراً وطنياً.
أنس حمد الله
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة فلسطين : اذا أحبك مليار مسلم فأنــــــا منهــم 00
وان أحبك شخص واحد فهو أنــــــــــا 00
وان لم يحبك أحد فاعلمي أننى قد مت 00من هنا يمكنك مراسلة الادارة