وتبقى القدس رغم الصهاينة

موضوع: وتبقى القدس رغم الصهاينة 23/07/09, 12:12 am

للكتابة عن الثقافة في مدينة القدس نكهة خاصة حيث أنك تقف مبهورا أمام الشواهد التاريخية التي شكلت تاريخ هذه المدينة ، فانت لست أمام مدينة عادية مثل كل المدن في هذا العالم ، حيث أن المكان والزمان في هذه المدينة تشكل منه تاريخ العالم ، ولا أظن أن مكانا آخر في العالم له بصمات في الحضاره الانسانية مثلما لهذه المدينة ، حيث أشرقت منها الرسالات السماوية وفيها اجتمع الانبياء ، وتزاحمت على أبوابها الحضارات والثقافات ، مثلما تزاحم على أبوابها الغزاة والفاتحون .

ففي هذه المدينة تتعدد الوجوه وتتداخل ، ولا يمكنك الكتابة عن حاله ثقافية متفردة أو وجه واحد من الثقافة ، وانما في هذه المدينة تتعدد وجوه الثقافة وتتداخل حيث لا يمكن للباحث في ثقافة هذه المدينة أن يفصل الديني عن السياسي عن التاريخي عن المنحى الثقافي في هذه المدينة بل عن ممارسة الفعل اليومي في الحياة العادية في هذه المدينة .

وإنك عندما تطرق أي باب من أبواب الثقافة في هذه المدينة ، تجد جميع المعطيات الأخرى التي شكلت الحياة في هذه المدينة حاضرة بقوة ، ولا تستطيع تحت أي ظرف من الظروف تجاهل هذه المعطيات أو إلغاءَها .

فلا يستطيع أي باحث منصف لتاريخ هذه المدينة أو ثقافتها أن يقفز عن حادثة الاسراء والمعراج ، أو عن المسجد الأقصى ، أو طريق الآلام وعذابات السيد المسيح في هذه المدينة ، أو عن الاحداث الجسام التي مرت عليها ، وما عانت منه على يد أعدائها ، وكيف استطاعت هذه المدينة عبر هذا التاريخ الطويل وبقوة ثقافة الذين أسسوا ، ورسوخ هذه الثقافة وقوة ثقافة الذين اكملوا بناء هذه الثقافة الاصيلة والذين امتدت أيديهم بالبناء والاعمار والحفاظ على غيرهم من سكان هذه المدينة كما حافظوا على أنفسهم .

بكل هذه الاعمال النبيلة وبهذا العطاء اللا محدود لمدينتهم وساكنيها بقيت مدينتهم وفية لهم ولم ولن تستطيع كل الخطوب التي مرت وتمر بها الآن في وضعها الراهن ، الذي يعتبر من أصعب أوقاتها ، أن تتنكر لأهلها الذين تعرفهم جيداً ويعرفونها ، والذين ما تاجروا يوما بقدسيتها ، ولا ابتزوا أموال شعوب الأرض باسمها ، وتعرف من جهة أخرى الذين تاجروا باسمها ، وابتزوا العالم باسمها ، وادعوا كذباً أنهم يقدسونها ، والذين ما تركوا مناسبة الاّّّّّّّّّّّّّّّّّ انقضوا عليها دماراً ومسحاً لهويتها وذبحاً وتشريداً لأهلها ، ولهذا ما استطاعت هذه المدينة أن تستوعبهم أو تستأنس أرضها بهم فهي تكرههم وتلفظهم دائماً وتبقى القدس عربية الوجه اسلامية القلب وبهذا تفتح يديها ويضم صدرها كل الذين يحبونها وتحبهم ، وستكون لها وبها كلمة الفصل بين الحق والباطل مهما حاول اعداؤها أن يقلبوا الحقائق ويغيّروا ويعبثوا بهوية هذه المدينة " وستبقى هذه المدينة وفيّة للانسان الذي اعطاها من جهده وعرقه وروحه واعطته هي روحانيته وشرف قدسيتها والانتماء لها " ، لان المغتصبين واعداء هذه الأرض لا يستطيعون اعطاءَها أو الأخذ منها إلاّ اللعنات لأنهم يمتهنون كرامة هذه الأرض ويستغلون روحها وقدسيتها بابخس الاثمان ، ويقتلون انسانها حتى لم تبق ذرة تراب في هذه المدينة لم ترتو بدماء أبنائها........من انبيائهم حتى أطفالهم وشيوخهم ونسائهم .

وهنا سر عبقرية المكان والإنسان في هذه المدينة ، حيث انها عبر تاريخها لم يستطع غاز أو مغتصب أن يحتفظ بها مهما طال احتلاله لها وظلمه لإنسانها يدخلها قائلا غاضباً ويخرج منها امينا على ماله وروحه واهله ، وهذا ما يكرسها أرضاً للمحبة والسلام ، حيث الذي يسفك فيها الدماء خاسر لا محاله .

والدارس لثقافة هذه المدينة لابد ان يضعها ضمن مسارين :

المسار الأول : أن هذه المدينة بضمان الحقائق التاريخية والدراسات الجادة غير المنحازة والتي تعتمد شواهد التاريخ وحقائقه على الأرض ، ولا تعتمد أساطير اليهود وخرافاتهم وكأنها مسلمات تاريخية " للأسف أخذ بها الكثير " من الكتاب الغربيين وعدد لا بأس به من الكتاب العرب الذين كتبوا عن تاريخ هذه المدينة " أن نشأة هذه المدينة عربية وسكانها عرب قبل أن يأتي اليها أحد من خارجها سواءً كان غازياً بجيش جرار أو تاجراً أقام بين أهلها أو حتى عصابات ولصوص أقاموا واحتموا بأهلها الذين لم يضطهدوا أحداً في تاريخهم ، وحتى قبل مجيء الرسالات السماوية وبقيت هذه المدينة عربية خالصة تلفظ كل محتل مهما مكث فيها وادعى ملكيتها .

اما المسار الثاني : فهو مجيء الدين الإسلامي الحنيف وكيف تم اللقاء بين أصحابها العرب وبين أهلهم وبني جلدتهم وهم القادمون بهذا المبدأ العظيم ويحملون رسالة النور السماوية ويكفلون العدل لكل المخلوقات بدءاً بالانسان وانتهاءً بالحيوان والشجر والحجر ، وكان لقاء المحبة والعدل والسلام ، فلا دم يسفك ولا أرض تخرب و لا صوامع تهدم ولا شجر يقطع ، وكانت خيمة الإسلام العظيمة تتسع للجميع مسلمين وغير مسلمين ، وقدم هذا الدين العظيم نموذجاً فذاً من العدل والمساواة والعمل المنتج في جميع مناحي الحياة ، ولجميع من يسكن هذه الأرض ، حيث امتدت أيدي المسلمين إلى البناء في جميع جوانب الحياة ووفرت الأمان والاستقرار في هذه المدينة وما حولها من البلاد والأمصار مما جعلها مدينة مزدهرة يقصدها المسلمون وغير المسلمون بكامل حريتهم لـتأدية شعائر عباداتهم دون حواجز ، ودون اضطهاد، واصبح المسجد الأقصى المبارك مقصد العلماء والفقهاء ، حيث بنيت المدارس ، وكانت مجالس العلم سمة بارزة في الأقصى المبارك وعكس هذه ثقافة على أهل المدينة ومن حولها تأثر بها المسلمون وغير المسلمين ، لان هذا الدين العظيم اعتنى بجميع دقائق الأمور ، ولم يترك شيئاً في الحياة إلاّ ونظمه تنظيماً راقياً وسطياً لا غلوّ فيه ولا عنصرية وانما اهتم بكرامة البشر على مختلف مشاربهم واجناسهم ، وشمل هذا العدل والتكريم الحيوان والجماد.

ولا بد من التنويه في هذا المقام بالرد على مقولة يرددها الصهاينة ومن شايعهم ، حيث يضمرون الخبث في محاولة بائسة بقولهم " أن القدس ومنذ دخول المسلمين اليها لم تأخذ المكانة لأولى في بلاد العرب والمسلمين ولم تكن عاصمة لأي خليفة من خلفاء المسلمين أو ملوكهم "

يقولون هذا ويتناسون أن الله عز وجل كرّم هذا المكان وجعله مقدساً قبل الإنسان هذا بدايةً ، اما القدس عند المسلمين فقد جعلها الله قبلتهم الأولى قبل مكة المكرمة يوجهون أفئدتهم ووجوههم اليها خمس مرات في اليوم ، ومنها ومن فوق صخرتها المشرفة عرج نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلى ، بعد أن صلىّ إماما في جميع الانبياء على هذا الثرى المقدس ، في حدث إعجازي ، نزل فيه قران من السماء يتعبد بتلاوته ويشكل جزءاً لا يمكن الاجتهاد فيه من عقيدة المسلمين ، وفي الحقيقة هذا شأن المسلمين مع جميع مدنهم المقدسة والتي تحتل بعداً روحياً عالياً في عقيدتهم واهمية مركزية بالغة أكثر من مدينة " عاصمة " تكون مقراً للخليفة وتعج بالحركة والتجارة والدواوين الحكومية ، فإن المسلمين ينأون بمدنهم الروحية والتي تحتل المكان الأكثر قداسة في حياتهم عن صخب الحياة وتعقيداتها اليومية .

فمن مكة المكرمة إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم المنورة إلى القدس الشريف ، هذه الاماكن الأكثر شرفاً وقدسية في تاريخ الإسلام لم تكن عواصم ولا مقرات لخلفاء المسلمين وحكامهم ، ولكنها دائما موضع رعايتهم واهتمامهم, وتتوجه الأفئدة المؤمنة إلى هذه الاماكن وتنظر اليها العيون بكل إجلال واحترام أكثر من أي عاصمة من عواصم ملكهم فلا حجة لمقولة الصهاينة البائسة بأن العرب والمسلمين لم يضعوا القدس موضع اهتمامهم ، ولكنها مصالح الاستعمار ونواياه الخبيثة تجاه هذه المدينة ومؤازرة للصهاينة ودعمهم في احتلال هذه المدينة واغتصاب تراثها وحضارتها . د.جاسر العناني

مشكور يا دكتور جاسر على الموضوع وانشاءالله القدس رايحه اتكون المنبر الاول لفلسطين رغم انف اي صهيوني تقبل مني مشاركتي وبارك الله فيك ابنك الصغير فلسطيني وافتخر

حكمه أعجبتني

ليس كل إمـــرأه [جميله] مـــحترمه

ولكن كل إمـــرأه [مـحترمه] دائما جميــله

اجل انها مدينة عصية على المحتل مهما طال بقائه فهو الى زوال فالمدينة المقدسة مر عليها من مختلف الاقوام والاجناس
ولكن مصيرهم كان الزوال ولم تبقى من حضاراتهم او دولهم الا بعض الشواهد التاريخية والثقافية كالرومانية البيزنطية او الفرنجة الصليبيين وغيرهم
من الاقوام والشعوب وهي كثيرة
انها مدينة متعددة الثقافات ولا يستطيع احد ان يلغي الاخر لانها راسخة
في وجدان كل انسان ينتمي الى تلك الثقافات
وفي النهاية مهما طال الظلم والاحتلال ففي النهاية سيذهبون كما ذهب غيرهم وسيخلد التاريخ اعمالهم الوحشية كما خلد اعما ل الصليبيين وغيرهم من الامم
موضوع شيق وغاية في الروعة
مشكور د- جاسر العناني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التوقيــــــــــــــــــــــــــع

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

شكرا على المرور الجميل للحبيب فلسطيني وافتخر وللمثقف النوعي وسيم ربيع
شكرا لكم
د.جاسر

حتما ستكون فلسطين للفلسطينين والعرب لطالما تقالبت عليها الاقوام وهي تابى الا ان تكون للعرب
مشكور عمي فهيم على الموضوع
وتقبل مروري كل الاحترام

شكرا لمرورك الجميل ابو خليل ....ولك محبتي

ابو نضال

شكرا يا عم
على الموضوع الرائع اتمنى ان تقرأ ردي فأنا أعتبرك القدوة في النجاح والتقدم في الحياة
المخلص
علي فارس العناني

لك كل المحبة يا علي واتمنى لك مستقبلا زاهرا
وازجو ان نفرح بك قريبا بالنجاح الباهر ان شاء الله

اخي الحبيب الحاج الدكتور ابو نضال الى الامام ولك مني كل الحب

مشكور د.جاسر على مجهودك
يعطيك العافيه
بانتظار جديدك القادم
دمت بخير

شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فلسطين : اذا أحبك مليار مسلم فأنــــــا منهــم 00

وان أحبك شخص واحد فهو أنــــــــــا 00

وان لم يحبك أحد فاعلمي أننى قد مت 00

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

شكرا لمروركم الجميل ايها المثقفون الرائعون واهتمامكم بالمواضيع التي تخص قدسنا الحبيبة ... شكرا لكم جميعا

د جاسرالعناني

وهنا سر عبقرية المكان والإنسان في هذه المدينة ، حيث انها عبر تاريخها لم يستطع غاز أو مغتصب أن يحتفظ بها مهما طال احتلاله لها وظلمه لإنسانها يدخلها قائلا غاضباً ويخرج منها امينا على ماله وروحه واهله ، وهذا ما يكرسها أرضاً للمحبة والسلام ، حيث الذي يسفك فيها الدماء خاسر لا محاله .

الله يجزك الخير د.جاسر على هذا الموضوع الجميل والرائع. ولك مني كل الاحترام والتقدير

الأخ ألعزيز أبو نضال

لك مني كل محبة وتقدير

وكثر ألله من أمثال

فعلاً مواضيع قيمه نحن بحاجه لمثل تلك المواضيع

بانتظار ألمزيد, وتقبل مروري

العزيزان عصفور و e3nane شكرا على المرور والاهتمام

» وتبقى القدس ...ورقة عبّاد الشمس
» وتبقى اليابان رائــــــــــــدة الإبداع والتميز
» "الطريق إلى القدس" ضمن فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية 2009
» وتبقى حروفنا منقوشة في دفاتر الذكريات
» القدس عاصمة الثقافة تنطلق السبت من القدس وبيت لحم وغزة والناصرة ولبنان