رمح النار عناني نشيط
تاريخ التسجيل : 02/09/2009 عدد المساهمات : 41 الجنس : العمر : 46 الموقع : فلسطين العمل/الترفيه : طافش نقاط : 55624 أحترام قوانين المنتدى :
| موضوع: وثيقة فياض: خطوة جريئة بالاتجاه الصحّ أم ... 03/09/09, 11:28 am | |
| إن المواقف الاعتراضية والارتدادية التي أطلقت من أكثر من اتجاه في مواجهة وثيقة د. سلام فياض للدولة الفلسطينية، تعيد بي الذاكرة لأوائل السبعينيات وأواسطها، حين قامت الدنيا ولم تقعد، وشكّلت الجبهات، لا سيما جبهة الرفض وجبهة الصمود والتصدي، ورصدت الحشود والموازنات في حروب وصراعات داخلية أشبه بالدونكيشوتية، على فكرة دعت لعقد مؤتمر دولي للسلام، سمّي حينذاك "مؤتمر جنيف"، خصوصاً وأن هذه الوثيقة لم تكن قفزة في الهواء ولا مبتورة عن سياقها الوطني والسياسي العام، بل جاءت في ظل حملة تصعيدية إسرائيلية مسعورة ضد شعبنا وحقه في إقامة الدولة، والحديث الذي يدور حالياً عن إعداد خطة سياسية سيطلقها الاتحاد الأوروبي لحل الدولتين، وتصوّر الرئيس الأميركي أوباما حول حل الدولتين وموقفه الواضح والجاد تجاه مسألتي الاستيطان والدولة الفلسطينية. وفي هذا ما يكفي للإقلاع الفلسطيني ولو مرّة عن خوض المعارك الوهمية أو تلك التي يرسمها لنا الخصم ويستدرجنا إليها فيقطف ثمارها بدمنا وأيدينا.
أية غضاضة يمكن أن تكون، عندما يطلق رئيس الوزراء د. سلام فياض "وثيقة إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة"؟! لا سيّما وأنها تستند صراحة إلى ما أكده من "إنجاز وحدة وطنية بين الضفة وغزة، بالإضافة إلى توفير الدعم العربي والدولي المطلوب سياسياً ومادياً لتنفيذه"، وأنها أي الخطة تحمل في صلب متنها برنامج عمل الحكومة الذي يتبنى سياسات التمكين من بناء مؤسسات الدولة القوية والقادرة على تنمية إمكانيات المواطن وتوفير الخدمة اللازمة له رغم الاحتلال، وطالما أنها تستند إلى برنامج منظمة التحرير الفلسطينية الساعي لتحقيق إقامة الدولة وعاصمتها القدس على الأراضي الفلسطيني المحتلة عام 1967، الأمر الذي سيجعل من النجاح في إنجاز هذه الوثيقة "رافعة أساسية لإزالة الاحتلال وإنجاز الاستقلال، بشكل يضع حداً لما سمي بـ "الفترة الانتقالية" بعد اتفاق أوسلو، والتي انتهت فعلياً في أيار 1999".
أوَلَيسَ في عدمية المواقف المشككة بوثيقة د. فياض ظلماً وجوراً بحق من يريدون خيراً لوطنهم ويختطون المواقف والسياسات العقلانية والجريئة بشفافية لم يسبقهم إليها أحد، مستمدين قوتهم وعزمهم من مهنيتهم العالية ومصداقيتهم الأعلى مع الذات وقضايا الناس التي هي من قضايا الوطن؟!
فالحق بيّن والضلال بيّن والفساد أبين، فلا يجوز أن تأخذ من حملوا لواء المسؤولية برؤية وطنية صوب الدولة لومة لائم أو غضبة مكلوم أو سعار محموم طاش وانتهى.
إن دعم السياسات والرؤى التي ينتهجها رئيس الوزراء وإسناد المواقف التي يختطها الرئيس أبو مازن في المسار الفلسطيني العارم نحو الدولة، بات يشكل اليوم وأكثر من أي وقت مضى واجباً وطنياً رحباً ومسؤولية تاريخة، وهذا ما يشفعه ويجسّده الأداء العملي الجاد والشفّاف لرئيس الحكومة الذي يتناغم بروح وطنية ومهنية عالية مع حالة التجديد والتجدّد وترشيق الأداة الوطنية الحاملة للمشروع الوطني التي يقودها وقادها الرئيس أبو مازن سواء من خلال المؤتمر السادس لحركة "فتح"، وانتخاب قيادتها الشابة المتنوعة والواعدة أو من خلال الإجراءات الارتدادية التي اتخذها الرئيس في أعقابها وعلى هديها.
أليس من حق هذا الشعب الذي مضى على إعلان استقلاله أكثر من عشرين عاماً في الجزائر، وأطلق "وثيقة الاستقلال" التي حملت في متن نصها الوطني جملة الثوابت والمعاني الإنسانية والتاريخية لحقوق شعبنا، حين كنا خارج الوطن وعلى أرض غيرنا وملاعبه، أن يكون اليوم أمام خطوة كهذه تتمم نص الاستقلال الوطني الناجز بقيام الدولة على أرض فلسطين كحق بات يحظى بدعم وتأييد دولي عارم وغير مسبوق؟! ولو من باب الضغط على الخصم والحثّ على استعجال المجتمع الدولي والأطراف المعنية المؤيدة، وذلك أضعف الإيمان وخطوة شجاعة بالاتجاه الصحّ.
ليس من حق أي فلسطيني أن ينسى ولا يتّعظ مما حصل لحظة صدور قرار الأمم المتحدة الذي أذِنَ بتقسيم فلسطين بحل الدولتين بين العرب الفلسطينيين واليهود، وإعلان القيادة الصهيونية آنذاك قبول القرار بقيام "دولة إسرائيل" على حساب الشعب الفلسطيني وما سبق ذلك وما تَلا من عمليات التوتير والمذابح والحرب النفسية والإعلامية، الهادفة لدفع الفلسطينيين لرفض القرار وعدم استثماره كأساس شرعي لقيام الدولة، ورفع سقوف وشعارات سياسية عانقت بمضمونها عنان السماء وتجاوزته في العقل العربي والفلسطيني بوجه خاص، وهي ذات المعادلة والسلوك الذي ما زال يستخدمه قادة التطرف والاحتلال الإسرائيلي في استفزاز المشاعر الوطنية الفلسطينية عبر التعديات اليومية التي تدفع الفلسطينيين في كل مرّة لرفض أية سقوف مطروحة للحل، لتأتي بعدها ظروف وحقائق وتراجعات تجعل مما رفضناه بالأمس هدفاً وحلماً نتشبّث به حين لا ينفع التشبّث وبعد فوات الأوان، وهكذا وصولاً لما نحن عليه اليوم. وبالتالي فإن الموقف الصهيوني الذي قبل القرار وأقام دولة اليهود، وواجه المتطرفين أمثال مناحيم بيغن الذي كان يرى الخطورة في القرار في أنه يتيح للفلسطينيين بالمقابل حق إقامة دولتهم أيضاً، وليس فرصة لصالح اليهود وحدهم، معتبراً في ذلك القبول خيانة وطنية من قبل بن غوريون، الأمر الذي استدعى الأخير لاعتقال الأول وزجّه في السجن منعاً لإفساد فرصة تاريخية لإقامة الدولة العبرية على كاهل الفلسطينيين.
وفي هذه الصورة دلالات وعِبَر تؤكدان على الفلسطينيين أن يُقلعوا عن عقلية سياسات ومواقف ردود الأفعال ونرجسية الأقوال، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وأن يستوطنوا المواقف المتّعظة من الماضي المكلف والمتزنة بالعقلانية والواقعية الوطنية التي تلحظ أنصاف الكؤوس الملأى وفاضيها، بعيداً عن السياسات الطوباوية الحالمة التي لا مكان لها على أرض الواقع، وكلّفت شعبنا دماً وجهداً، وأبقت لسان حاله دائماً: "في الصيف ضيّعت اللبن".
من هنا، فإنني أرى أن على المتطرفين والمزايدين من قيادة الشعب الفلسطيني أن ينهضوا من كبوتهم ويفيقوا من غفوتهم ليروا أعمالهم والحقائق كما هي، ويتحمّلوا مسؤولياتهم التاريخية والوطنية في الذود عن الموقف الساعي لقيام الدولة، وبناء المجتمع الفلسطيني ببعد تنموي شامل ومنظور دولة وطنية حرّة ومستقلة. الأمر الذي يتطلب من شتى ألوان الطيف السياسي الفلسطيني والتيارات مجاميعَ وأفراداً، أن يقفوا إلى جانب الحكومة والرئيس صفّاً واحداً دون أن يستمرئوا جعل هدف الدولة ومصالح الشعب العليا عرضة لأهوائهم وحساباتهم الخاصة وصراعاتهم التنظيمية والسياسية المزايدة، لأن في ذلك خدمة جليلة للخصم، ودماراً ظالماً للذات يقرب من الخيانة. آخذين بالاعتبار أن من يقودوا الوطن بعقلانية جامعة، هم الأكثر عرضة للتشهير والتخوين، خصوصاً من قبل دعاة التطرف من العَجَزة والمتلكّكين غير الفاعلين إلاّ لذاتهم الضيّقة على حساب ذاتنا الواسعة، ولعلّ فيما أسلفناه عن تجربة بن غوريون مؤسس الدولة العبرية مع مناحيم بيغن خير شاهدٍ ودليل.
اصف قزموز هل هذاهو الحل الموضوع مفتوح للنقاش
عدل سابقا من قبل انتماء في 04/09/09, 06:36 pm عدل 1 مرات (السبب : تنسيق) | |
|