أزمة الرواتب ...بين مشهدين !
طارق شمالي _ غزة
لا يمكن في الوقت الحالي أن نُخمن السبب الحقيقي وراء تأخير صرف رواتب موظفي السلطة من قبل حكومة سلام فياض , فالأيام القادمة كفيلة بأن تكشف لنا حقيقة هذا الأمر , ولكن ما أنا بصدده الآن هو التعريج قليلاً على تصرفات إعلام السلطة أثناء تشكيل حماس لأول حكومة فلسطينية منتخبة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى , وذلك للمقارنة بين مشهدين هامين رافقهما العديد من ردود الأفعال .
فبعد مقاطعة أمريكا ومن حالفها لحكومة هنية الشرعية وعدم الاعتراف بها ومحاصرتها اقتصادياً وسياسياً , أدى ذلك إلى حدوث أزمة مالية تسببت في تأخير صرف رواتب الموظفين .
حينها قام الإعلام "الأصفر" المعروف للجميع بممارسة دوره الحقير، واللا أخلاقي بالرقص على الجراح تارة والشماتة والتشهير تارة أخرى .
وبدأت تخرج المسيرات والتظاهرات المطالبة بتوفير الرواتب وإلا إسقاط الحكومة وقد لوحظ وقوف عدد من رموز السلطة "الفاسدين" على رأس هذه المظاهرات مستغلين الأزمة الخانقة التي تمر بها حكومة الشعب الفلسطيني الشرعية لتحقيق أهداف فئوية وشخصية مشبوهة .
ولم يتوقف الأمر إلى هذا الحد بل برزت المواهب الفنية "الصفراء" التي نعقت كثيراً ضد الحكومة كان أبرزها الأغنية المشهورة الهابطة كأصحابها "وين الراتب ..فش فش " !.
وخرج علينا أحد القادة البارزين لثورة "غابة الفنادق" حينما ادّعى "حزناً وألماً" أنه سيضطر لبيع عفش بيته إن استمرت أزمة تأخير صرف الرواتب ..سبحان الله !.
واليوم نحن تعدينا منتصف الشهر بأيام ولم يحصل موظفي السلطة على رواتبهم من قبل حكومة فياض على الرغم من أنَّ هذه الحكومة مدعومة مالياً وسياسياً من أمريكا وإسرائيل ومعظم الدول العربية والغربية .
وفي الوقت الذي قامت فيه الحكومة الشرعية في غزة والمحاصرة منذ عدة أشهر سياسياً ومالياً بصرف رواتب موظفيها في موعدها بل قبل الموعد بأسبوع , وهي التي قامت أيضاً بصرف رواتب موظفيها جميعاً أثناء العدوان على غزة على الرغم من أنها إن لم تفعل ذلك فلن يلومها أحد فهي في حالة حرب , ولكن حقوق الناس واجبة حتى تحت القصف والتدمير .
لذلك كلمة نوجهها لمن سار في ركب الحملات الإعلامية التي كانت تستهدف حكومتنا الشرعية وهنا أقصد إخواني الموظفين وأخواتي الموظفات لعلهم يعتبروا من هذا المشهد الذي يتجلى أمامنا اليوم .
هذا المشهد لا ينبغي أن يمر علينا مرور الكرام فكيف لحكومة تُحاصر براً وبحراً وجواً ويُهدد قادتها ووزرائها بالقتل تُوفي بالتزاماتها المالية لجميع الموظفين بل وإنها تقوم بين الفينة والأخرى بصرف مساعدات لعشرات الآلاف من العمال العاطلين عن العمل , بالإضافة إلى توزيع مساعدات مالية لجميع المواطنين الذين تهدمت بيوتهم بفعل الحرب الصهيونية القذرة على أهلنا الصامدين في قطاع غزة .
وفي المقابل حكومة ترضى عنها أمريكا وتقبلها إسرائيل وتؤيدها معظم دول العالم يخرج رئيسها أمام وسائل الإعلام ليدعي أنه سيقترض من البنوك للتمكن من صرف رواتب الموظفين .
ولأننا مؤمنين فليس من صفاتنا الشماتة , ولأننا رجال وليس من شيمنا الرقص على الجراح نقول أنَّ على الجميع أن يدرك الأمور جيداً فالمال المرهون سياسياً سيبقى عقبة في طريق البناء والتحرير , وأمريكا التي تبيعنا الأوهام كل يوم لا يمكن أن تسمح لنا بالتقدم خطوة واحدة نحو بناء وطن ودولة .
والحكومة التي يرضاها الشعب "طواعية" هي الباقية أما دون ذلك فإلى زوال .