هل يقاطع القوم نتنياهو وليبرمان مثلما قاطعوا حماس؟
عندما أسفرت الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي أُجريت في العام 2006م، وأفرزت فوزًا كاسحًا لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ربط المفكرون والمثقفون والصحفيون والسياسيون الصهاينة بين نتائج هذه الانتخابات، وبين فوز الزعيم النازي "أدولف هتلر"، الذي وصل هو الآخر إلى الحكم بعد انتخابات ديمقراطية وعن طريق صناديق الاقتراع.
ورغم عدم وجود أي تشابه بين الحالتين، النازية والحماسية، فالأولى حركة سياسية عنصرية مجنونة تقوم على سيادة العرق الآري على غيره، والثانية حركة مقاومة وتحرر وطني تجاهد لتحرير وطنها من الاحتلال الصهيوني، إلا أنَّ الدعاية الصهيونية أصرت على هذا الربط والتلازم، ثم انتقل ذلك إلى الإعلام الغربي المتعاطف بطبيعته وتكوينه مع الصهاينة وأفكارهم وأكاذيبهم.
كل الدول الغربية رفضت أن تتعامل مع حماس على أساس أنها حركة إرهابية، وتطالبها بالاعتراف "بإسرائيل" كأحد الشروط لقبولها كقوة سياسية في المشهد الفلسطيني الداخلي، الأمر الذي رفضته حركة حماس، ويرفضه معها كل منصف ومنطقي وعادل.
أما حينما تسفر الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة عن فوز اليمين المتطرف، حيث لم تستطع أحزاب العمل و"ميرتس" و"كاديما"، المحسوبين على ما يُسمى اليسار الصهيوني، إلا من الحصول على 44 مقعدًا في الكنيست، أما المعسكر اليميني واليميني المتطرف فقد حصل على 65 مقعدًا، في حين حصلت الأحزاب العربية على 11 مقعدًا، حينما يحدث ذلك لا يمتعض أحد ولا يرفض أحد، ولا يقول سياسي غربي أو حتى عربي: إنه لن يتعامل مع حكومة نتنياهو الإرهابية المتطرفة.
إن العرب يحتفظون بذكريات هي الأسوأ لزعيم الليكود بنيامين نتنياهو، فعلى سبيل المثال؛ شهدت العلاقات بين نتنياهو والرئيس المصري حسني مبارك تدهورًا متلاحقًا خلال السنوات الثلاث التي تولى خلالها نتنياهو رئاسة الوزراء (1996م- 1999م)، إلى حد أن مبارك الذي يبدي سعة صدر كبيرة في التعامل مع الصهاينة، قال علنًا في إحدى المرات: إنه "حانق جدًّا جدًّا جدًّا" عليه، واتسمت العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية خلال تلك السنوات الثلاث بالاتهامات المتبادلة وانعدام الثقة، وكانت فترة سلبية للغاية.
مبارك عامل نتنياهو في بداية حكمه على أساس أن الشك يُفسَّر لصالح المتهم، وقرر الحكم عليه من خلال أفعاله لا أقواله، إلا أن المسافات كانت تتباعد أكثر فأكثر بين الرجلين، وبدأ الرئيس المصري يعرب عن سخطه من نتنياهو، لدرجة أنه قال في أحد تصريحاته: "لا يمكنني أن أعطيه فرصة إلى ما لا نهاية، لقد طالبت بمنحه فرصة، وقلت: إن هذا مهم لمصر وللجميع في العالم العربي، ولكن لم يحدث أي تقدم معه".
ولذلك اتهمه مبارك علنًا بأنه لا يحترم كلمته، وبأنه يفعل كل شيء من أجل ألا يفعل شيئًا، وكانت محصلة فترة حكم نتنياهو الأولى شديدة السلبية، فقد أطلق نتنياهو الاستيطان وجمد اتفاقات أوسلو.
إن زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" المتشدد والعنصري من أصول روسية "أفيغدور ليبرمان"، والحاصل على 15 مقعدًا في الانتخابات، الأمر الذي حوَّله إلى الحزب الثالث في الخريطة السياسية في الدولة العبرية، والذي سيكون شريكًا كبيرًا لنتنياهو في الحكومة الصهيونية المقبلة، خاض الانتخابات ببرنامج عنصري متطرف ركَّز فيه على تأجيج مشاعر الكره لدى الإسرائيليين للفلسطينيين، أصحاب الأرض الأصليين، وبات الإسرائيلي الذي اختار ليبرمان يطالب بطرد أصحاب الأرض، وسحب جنسياتهم وتضييق الخناق عليهم.
الدولة العبرية لأنها دولة إرهابية متطرفة؛ لم تتنصل من هذا الفاشي ولم تعلن للعالم أنَّ هذا الشخص مرفوض وأفكاره فاشية، ويُهدد الديمقراطية الإسرائيلية، وإنما باركت نجاحه.
لقد هدد ليبرمان قبل ذلك بقصف سد أسوان في مصر، وبمحو غزة عن الخارطة، وتلفظ بألفاظ بذيئة ضد الرئيس المصري "محمد حسني مبارك"، وقال: "فليذهب إلى الجحيم"، كما دعا خلال الحرب على غزة بقصف قطاع غزة بسلاح نووي، عندما قال: إنَّه ينبغي العمل بالضبط كما فعلت الولايات المتحدة مع اليابان في الحرب العالمية الثانية.
لكن رغم ذلك كله، لم تعلن أية دولة غربية أو عربية تحفظها على اشتراك هذا المتطرف في أية حكومة يتم تشكيلها، وأنه في حالة مشاركته ستقاطع هذه الدول الحكومة التي يشترك فيها.
إننا نقول للدول العربية والغربية التي قاطعت حماس بعد فوزها في انتخابات عام 2006م، أن تقاطع أية حكومة يشكلها هذا الثنائي الصهيوني المتطرف.
وإذا كانت الولايات المتحدة والرباعية الدولية قد اشترطوا من أجل اشتراك حماس في العملية السلمية أن تعترف "بإسرائيل" وبمجمل الاتفاقات التي تم توقيعها معها وبأوسلو وما ترتب عليها، فإن نتنياهو وليبرمان يرفضان العملية السياسية برمتها، فهل سيتم مقاطعتهما مثلما تمت مقاطعة حماس؟ أم أن الظلم والانحياز الأعمى وازدواجية المعايير، ستظل هي معيار هؤلاء في اتخاذ مواقفهم؟
من أصلح بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس ، ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه ، ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]