الطب الوقائي يهدف إلى منع الأمراض قبل حدوثها والتشخيص المبكر للأمراض. ويشمل
ذلك تحسين الصحة العامة والحفاظ على جودة حياة الأصحاء والمرضى. وقد اعتنت
وزارة الصحة والمؤسسات الصحية في المملكة ببعض جوانب الطب الوقائي كبرامج
التطعيم التي تعتبر المملكة دولة رائدة في هذا المجال. ولكن لدينا نقص وضعف
في جوانب عديدة من جوانب الطب الوقائي والصحة العامة كمنع الأمراض
والاكتشاف المبكر للأمراض، كما أن لدينا ضعفا كبيرا في وضع برامج الأدلة
الإرشادية الوقائية التي تثقف الناس بشكل عام وتثقف الممارسين الصحيين
والأطباء بالإجراءات الوقائية المبنية على البراهين العلمية والتي ينصح
بالعمل بها للوقاية من الأمراض المختلفة ولكل جنس وفئة عمرية. لقد أثبتت
الدراسات أن أفضل استثمار تستثمره الدول هو الاستثمار في الطب الوقائي
والصحة العامة، وذلك لأن كثيرا من الأمراض (كالسكر والضغط وارتفاع
الكوليسترول) لا يوجد لها شفاء ناجع ولكن تعطى الأدوية للسيطرة على الأمراض
والتخفيف من مضاعفاتها كما أن كثيرا من الأمراض الخطيرة يمكن علاجها
والشفاء منها إذا تم اكتشافها مبكرا (كسرطان الثدي والقولون مثلا) ومن
ناحية أخرى فإن هذه الأمراض وغيرها يمكن منعها ابتداء واكتشافها مبكرا عن
طريق تطبيق إجراءات الطب الوقائي ومباديء الصحة العامة. ولذلك فإن كثيرا من
الدول أنشأت الهيئات المتخصصة في وضع وتطبيق ومتابعة الإجراءات الوقائية
كالهيئة الأمريكية للخدمات الصحية الوقائية (USPSTF) والهيئة الكندية
للخدمات الصحية الوقائية (CTFPHC). كما أن كثيرا من الدول المتقدمة صحيا
تعطي برامج الطب الوقائي والصحة العامة ما يصل إلى 25% من ميزانياتها.
الدراسات الإحصائية تبين انتشارا كبيرا للأمراض المزمنة في المملكة وهي من
أعلى النسب في العالم (نسبة انتشار مرض السكر 24% مرض الضغط 20% ارتفاع
الكوليسترول 50%) ومن ناحية أخرى فإن كثيرا من حالات السرطان تكتشف في
مرحلة متقدمة مما يقلل من استجابة المرضى للعلاج. ولهذا فإننا في المملكة
بحاجة ماسة وعاجلة إلى إنشاء هيئة عليا للإجراءات الصحية الوقائية تضع
الأولويات وتشرف على كتابة الأدلة الإرشادية الوقائية المبنية على البراهين
وتعمل على متابعة تطبيقها.