لطالما عوّدنا رجال هذا الوطن تجسيد البطولة عبر أعمالهم وبطولاتهم ، ولطالما كانت البطولات في بلادي فردية شخصية فرفع أفراد أسماء بلادهم، وخط رجال حروف المجد لأوطانهم وهذا ما ينطبق على البطل الأسير سامر العيساوي.
فيما مضى قالوا: إن الأسطورة فيها شيء من الخيال ولا يحق لنا أن نصف الأبطال الحقيقيين بالأسطورة حتى لا يمتزج الخيال بالواقع ، ولكن سامر أصبح أسطورة بكل ما تحمل الكلمة من معنى دون مخالطة للخيال أو ابتعاد عن الواقع.
سامر الذي عودتنا فضائياتنا أن تضع أمام اسمه في كل يوم مع رقم يزداد يمر عليه البعض بشيء من الحزن وآخرون بشيء من الأسى تذكّرنا بمعاناته وتسلط الضوء على قضيته لعل الشارع يتحرك مع ازدياد الرقم ولكن لا حياة لمن تنادي.
سامر الذي اعتاد أن يرسل البرقيات إلى شعبه والتطمينات على صحته ووضعه وصموده وإصراره على العودة للقدس تعامل مع بطولته الشعب بشيء أقل من حجم معاناته وكأنه اعتاد في ظل موجة الإضرابات.
حكاية سامر ليست مجرد رقم يزداد في كل يوم وجوع أصبح سامر متعايشاً معه رغم كل آلامه ، سامر حكاية القدس العصية على الخضوع والذل والركوع.
سامر حكاية شعب رفض ويرفض التهجير وأصر ويصر على البقاء في كنف البيت المقدس الذي منه يستمد العيساوي صموده وإصراره وحكايته.
أعترف أني تجنّبت مرات ومرات الكتابة عن هذا البطل لأني أعلم أن الكلمات أمام أصحاب القمم السامقة لا تجدي نفعاً رغم حديثي المتكرر عنه في كل وسائل الإعلام عبر المقابلات فإن التقصير مع هذا الرجل هو سيد الموقف وهذا ليس اعتراف مجامل بل هي حقيقة لا نخجل من الاعتراف بها وعنها.
قضية سامر العيساوي ليست قضية فردية إنما هو دفاع عن حق عام ووطن وجرح وقصة شباب البلد الذي حرروا من براثن المحتل بعزة وفخار وأعاد الاحتلال اعتقالهم وزجّهم مرة أخرى في سجون الاحتلال.
قضية سامر وجرحه يوضحان لنا غياب الاستراتيجيات لدى القيادة والفصائل ومنظمات المجتمع المدني، حتى الشباب والحراك الشبابي غاب عن هذا الجرح مع الوقت والأيام.
كنت أتوقع أن يزيد التضامن مع سامر وقضيته العادلة مع الأيام ولكن العكس هو الذي حدث خفت التفاعل وقل مع ازدياد ألم وجرح ومعاناة سامر الذي من المتوقع أن يضاف إلى قائمة الشهداء في أي وقت ولحظة.
لسامر العذر من شعب أنهكه الانقسام وعدم وضوح البوصلة وغياب الاستراتيجيات وللقدس منك التحية والإجلال لأنك أعدت لها هيبتها ومكانتها بصمودك أيها البطل.