مقال لـلكاتبة الجزائرية: أحلام مستغانمي
في كلّ الدنيا يُلقون بالقتلة في السجون ، عندنا فقط يمكن للقاتل أن يقضي بقية عقوبته تحت قمّة البرلمان . إنه إنجازا تعجز عنه الديمقراطية البريطانية نفسها . " أنس زاهد "
لا يمكن صُنع وطنا كبيرا بمواطنٍ صغير. هي أوطان ما كنّا فيها يومًا مواطنين ، بل جماهير يلازمها الشعور بالدونيّة . فما كان الوطن سوى السادة الجالسين فوق القانون وفوق المحاسبة .
أفراد يتحكّمون في شعوب ، عصابات بأوسمة ونجوم كثيرة ، لصوص محترمون يتناوبون على المناصب الحلوب ، ولا يختلفون إلاّ على اقتسام الغنائم .
يضعون بينك وبينهم علم الوطن ، مزايدين على المواطن وطنيّة ، متنقّلين في السيّارات الرسميّة ، متحدّثين باسمك في المحافل الدوليّة ، موقّعين عنك الصفقات .
إنّهم صوتك وصورتك ويدك.. وحدها جيبهم ليست جيبك !
تقول معزّيًا نفسك " إنّهم على ثرائهم فقراء كرامة " وتُباهي بشعاٍر لن يطعمك. لكن يومًا بعد آخر ، وأنت تذهب لتشتري بما في جيبك من "صكوك عزّة النفس" ما يسدّ رمقك ، تكتشف أنّ عُملتك لا تنفع لتوفيّر حياة كريمة.. وإنّ الكرامة بنك بدون سيولة . حينها تصبح أمنيتك أن تغدو لصًّا.. بعد أن جعل الوطن من اللصوص قُدوتك !
الأنظمة المستبدّة لا تَحكُم بالفساد بل بالإفساد ، مراهنة على التفّاحة الفاسدة التي ستأتي على صندوق التفّاح .
أيّ جهاد أن يحافظ المرء على مكارم الأخلاق ، في بلاد يحكمها طاغية . ذلك أنّ الطاغية يحتاج حال وصوله إلى السلطة إلى كسر سُلّم القيَم ، كي يضمن استمراريّة حُكمه ، فهو لا يثق في رجال لا يمكن شراؤهم . لذا المجاهدون الحقيقيّون ، هم من على حاجتهم تحدّوا على مدى عقود من الزمن ، تلك الدودة التي دسّها لهم الحاكم في قلب التفّاحة !
إن أنظمةً أكلت و تخمت على مرأى من الجياع ، وسرقت ونهبت على مدى أجيال ، وحمت كبار اللّصوص وراحت تطارد صغارهم ، عليها أن تتحمّل مسؤولية خراب أوطان ، هي من أعطت للمحرومين من خيرات الوطن القدوة في استباحتها .
* * *
شارك رئيس تايوان شعبه في الاحتفال بعيد الحبّ على نحو مُبتكر عبر موقع الإنترنت. فقد كانت تهنئته للعشّاق قصيدة نظمها حول الماء ، متلاعبًا باسمه الذي يعني في اللغة الكوريّة " الماء البارد ".
تقول قصيدة الرئيس :" الحبّ مثل الماء.. فهو صاف بالغ النقاء. الحبّ مثل الماء.. جدول ينساب بلا انتماء. الحبّ مثل الماء.. يبذل نفسه لإحياء الأشياء " ..
تساءلت وأنا أقرأ هذه القصيدة في بلاغة إيجازها ، إن كان سيأتي يوم نستورد فيه الشعر والحبّ من تايوان ، فتصدّر لنا آسيا مع أدواتها الإلكترونيّة التي صُنعت بأيدٍ عاملة رخيصة ، بعض ما غلا ثمنه ونفدت بطّاريّاته داخلنا: العشق .
وهل سيأتي يوم عجيب ، يهدينا فيه حكّامنا في عيد الحبّ أو في عيد الاستقلال ، قصيدة يتغزّلون فيها بنا كشعوب جميلة وعظيمة ، بعدما عوّدناهم على التغزّل فيهم والتدافع لتعليق معلّقاتنا على دبّاباتهم ، في المهرجانات العسكريّة.. للشعر .
لماذا في دور مجنون ليلى المجنون هو دائما الشعب ! ؟
تلك الدودة التي دسّوها في تفّاحتك ..!
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة فلسطين : اذا أحبك مليار مسلم فأنــــــا منهــم 00
وان أحبك شخص واحد فهو أنــــــــــا 00
وان لم يحبك أحد فاعلمي أننى قد مت 00من هنا يمكنك مراسلة الادارة