عمار جمهور:الأوركسترا والدولة تعبيراً عن الوجود

عمار جمهور:الأوركسترا والدولة تعبيراً عن الوجود
بقلم: عمار جمهور / القدس

الأوركسترا والدولة تعبيراً عن الوجود والحلم والدولة انطلقت الاوركسترا الوطنية الفلسطينية،

الصورة للتوضيح فقط

بعنوانها
الأخاذ "اليوم اوركسترا وغداً دولة"، آمن الفلسطينيون بالدولة كما آمنوا
بطائر الفينق، عشقوا الحرية وأتقنوا فن الموت وفن العزف على وتر الرجوع
والعودة. كانت هي التجربة الأولى والدولة تجربتنا الوليدة، عزفوا السلام
الوطني الفلسطيني على حلم الدولة والبناء، وأتقنوا العزف كما البناء نحو
الحرية. لا أدعي مَلكة النقد الموسيقي ولا مَلكة النقد الفني، ولكني أومن
بصدق التجربة الحسية التي رافقتني خلال العرض الذي قدمته الاوركسترا
الوطنية الفلسطينية في قصر رام الله الثقافي، تلك التجربة التي جردّتني من
كافة أشكال الشك والريبة تجاه حقيقة الوجود والبقاء على هذه الأرض العجوز.
الأرض التي تمخضت فأنجبت فناً فلسطينياً وحلماً شاباً طموحاً اتسق مع النهج
المطروح على الصعيد السياسي، في محاولة لكسر الشك باليقين واليقين
بالإيمان، يقين الحلم الذي قلص الفجوة ما بين السياسية والثقافة في برنامج
طموح كان همه أن يعيد للفلسطيني إيمانه بذاته، ويعيد بناءه وفقاً لبرنامج
من الممكن تحقيقه. فجاءت الموسيقى الفلسطينية لتشكل رافداً ثقافياً من
روافد الوجود الإنساني للفلسطينيين، ولتضيف على المشهد القافي الفلسطيني ما
هو مميز وفريد. شدني العنوان "اليوم اوركسترا وغداً دولة"، وأعاد لذهنيتي
ومخيلتي لحظة تأجيل إعلان الدولة من قبل الراحل ياسر عرفات، والتي غاب
بعهدها أفق التحرر، ولكن هذه المحاولة الموسيقية التاريخية حملت في ثناياها
تجربتنا التحررية، وخلقت تمرداً جدياً وحقيقياً على كافة أشكال التشكيك
والخذلان.
الانسجام اليوم بات وفقاً لسلم تناغمي ما بين العزف
الكلاسيكي والحلم الرومانسي بقيام الدولة، فبرنامجنا طموح وإيماننا عميق
بأحقيتنا الإنسانية الوجودية في فعل التاريخ والتأثير في صياغة موسيقى
الوجع والألم الآدمي على جدار الزمن، ويحق لنا أن نسجل حضورنا كفلسطينيين
على خارطة العالم الموسيقية، وان نفرض احترامنا وننتزع شرعيتنا الوجودية في
الفن، والموسيقى، والسينما، والأدب، والشعر، وان نصنع جيلاً يؤمن بنجاحه
لا بانهزامه. نجاح معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى في تنظيم أول عرض
لاوركسترا فلسطينية، يعد انجازاً متميزاً لجمع شمل الموسيقيين الفلسطينيين
المحترفين من مختلف أنحاء العالم، وتأسيس أول اوركسترا فلسطينية، بالإضافة
لكونه مؤشراً على صدقية إيمان الفلسطينيين ببناء مؤسسات الدولة القادرة على
القيام بواجباتها في شتى المجالات. تشكيل الأوركسترا ليس إنجازاً موسيقياً
فحسب، وإنما إنجازاً وطنياً عبر تجسيده لمشهدية فلسطين المستقبل، ولكونه
ملهم للإبداع والابتكار.
تزامن عرض الاوركسترا الوطنية الفلسطينية مع
الاعتراف الدولي المتتالي بالدولة الفلسطينية، لتنال "الاوركسترا" اعترافاً
فلسطينياً وعالمياً بوجوديتها، وذلك عبر عزفها لـ12 مقطوعة موسيقية، من
حقبات زمنية متفاوتة، وبألوان وأشكال موسيقية كلاسيكية متعددة، وان تنال
دورها في صناعة الموسيقى العالمية بأيادي فلسطينية وبذوق فلسطيني وطني.
قُدم العرض ضمن برنامج موسيقي متنوع يضم نخبة من المؤلفات الفلسطينية
الموسيقية المعاصرة والكلاسيكية، مع مجموعة من روائع الموسيقى العالمية
لبيتهوفن وموزارت وليجيتي، وضمت الاوركسترا الوطنية عازفين فلسطينيين
محترفين، ممن تركوا بصمة في قصور ودور أوبرا عالمية، في محاولة جادة وجريئة
لتأطير الجهد الفردي في سياق جمعي وطني.افتتحت الاوركسترا عروضها برائعة
الألحان الكلاسيكية في القرن العشرين مع الموسيقار جيورغي ليجيتي، والتي
تعد تبجيلاً لموسيقى أوروبا الشرقية ذات الطابع الغجري، من حيث قوتها
وسرعتها ببراعة فائقة، قبل العودة بالموسيقى للقرن الثامن عشر مع موزارت،
وقدمت العرض الأول في العالم مع مقطوعة الخفايا للموسيقي الفلسطيني المغترب
في كندا شربل دلال، ثم انتقلت إلى هدوئها هاربة من صخب الموسيقى إلى نعومة
'الأوبرا الرعوية' للموسيقار الفلسطيني الراحل سلفادور عرنيطا، وختمت
عرضها بالسيمفونية الرابعة الممتلئة بالحيوية والممزوجة بشغف الرغبة
لبيتهوفن.
يعد العرض الذي قدمته الاوركسترا الوطنية الفلسطينية شكلاً
جديداً من أشكال التعبير عن الذات الفلسطينية، عبر تبنيها لإنسانيتها
ومزاوجتها مع حلمها بالوجود على هذه الأرض، بالإضافة إلى نجاحها في التناغم
مع الايدولوجيا التطويرية للفكر الفلسطيني المعاصر، وما يرافقه من نهوض
بنيوي ونوعي لبناء المؤسسات الوطنية الثقافية، والاجتماعية، والسياسية
القادرة على الصمود والتحدي تمهيداً لإعلان الدولة الفلسطينية ذات السيادة
الكاملة على ترابها المحتل العام 1967. ميلاد الاوركسترا الوطنية
الفلسطينية تزامن مع ميلاد السنة الجديدة، واقتراب ميلاد الدولة الفلسطينية
المنشودة لتجسد فكرتها حلم الدولة الفلسطينية المستقبلية، وذلك بتثبيت
الهوية الثقافية الفلسطينية، وزراعة روافد البناء والأمل.
********************

كلمات في غاية الروعه والاحترام
أكثر من رائعه تجلى فيها صوت الارض بابداع وعفويه

كل الشكر لك يا بروكن هارت

لكـ مني أرق تحية

عمار جمهور:الأوركسترا والدولة تعبيراً عن الوجود Ouuuso11

» فلسطين.. "واقع الوجود وحقيقية البقاء"بقلم: عمار جمهور
» انفصامية الفنان السوري تجاه قضيته بقلم: عمار جمهور
» الجزيرة ... الوجه القبيح للسياسات الإعلامية وكالة معا الكاتب/ عمار جمهور
» الصحافة الاقتصادية المحلية والدعاية المجانية وكالة معاً/عمار جمهور
» عرض ازياء رام الله مستوحى من فلسطينيتها بقلم /عمار جمهور