سط اليوم":عرض الأزياء الأول في فلسطين والذي نظم مؤخراً في مدينة رام الله، عبر بالدرجة الأولى عن فلسطين برمزيتها الحضارية مكانياً وزمانياً، كذلك عن فلسطين الحلم والكينونة، فعندما وقف الشهيد الراحل ياسر عرفات في الجمعية العامة للأمم المتحدة رفع غصن الزيتون بيده تعبيراً عن المحبة والسلام. وطالب العالم بأن لا يُسقط غصن الزيتون من يده.
لغصن الزيتون رمزية ودلالة عميقة فهو يربط الفلسطيني بأرضه، وكذلك ِظله أينما رحل ومهما غاب. وتجسدت رمزيته بأبعاد إنسانية وسياسية، وها هو اليوم يأتي كامتداد لرسالة الفلسطيني السياسية، والثقافية، والفنية، ملهماً عرض أزياء رام الله الأول بالإبداع والحداثة.
رسم عرض الأزياء مشهدية فلسطين بالمزواجة الخلاقة بين "غصن الزيتون، وألوان العلم الفلسطيني، والكوفية العرفاتية، والتطريز التقليدي"، من جهة وحداثة فلسطين وتطورها ثقافياً، وفنياً، وعمرانياً، من جهة أخرى. فلسطين الدولة المخفية، والتي تجسدت فكرتها وتبلورت بعناوين المقاومة الخلاقة قولاً وممارسة، عمل هذا العرض على ربطها مع دول المتوسط ليشكل بعداً وجودياً ورابطاً طبيعياً مع حضارة شمال وغرب المتوسط.
لا غرابة بأن يكون العرض الأول للأزياء في فلسطين تعبيراً جلياً لفلسطين الأمل، والمقاومة، والبناء. للفلسطينيين الحق في الوجود في الجغرافيا كما وجُودوا في التاريخ. كما لهم الحق في إعادة اكتشاف حقيقة فلسطين ثقافيا وفنياً عبر تجسيد تجذُّر فنانيها بترابها، معتمدين على تدعيم ركائز المضمون الفلسطيني، ومراكمته تمهيداً للوصول إلى مرحلة الانجاز وتحقيق الحلم الفلسطيني، المتمثل بإقامة الدولة عبر إحياء فلسطينية فلسطين مجدداً وزرعها في جغرافيا الوجود.
لقد جسد العرض فلسطين بعنوان وفكرة، وجسدها بصورة ثقافية حضارية جذّابة متمردةً على الصورة النمطية، والتي اختزلت الوجود الفلسطيني بالعمل السياسي. ومن الضرورة بمكان أن تحمل الفنون رسالتها للعالم ملونة بلون العلم الفلسطيني وبجوهر القضية وخفاياها، وتُمّهد لبزوغ الفنون المختلفة في الساحة الفلسطينية.
ولا بد أن تعمل هذه الفنون على نسج علائق فكرية وثقافية وإبداعية ما بين المضمون الفكري للصراع الفلسطيني الاستعماري بالإبعاد الثقافية والفنية له، وذلك في محاولة جادة لإعادة بناء وصقل الهوية الفلسطينية وحفظها من التلاشي، في ظل الاحتلال الاحلالي، مستفيدين من الرؤى الثقافية والسياسية التطويرية التي تحاول النهوض بالفكر الفلسطيني من جديد عبر زرع بذور الأمل في الوجود.